منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ٢ - الصفحة ٥٣
في تنجز متعلق العلم به بين كونه تفصيليا أو إجماليا، فكما أن العلم التفصيلي إذا تعلق بحكم شرعي أو موضوع ذي حكم يحكم العقل بلزوم إطاعة ذلك الحكم والخروج عن عهدته بالامتثال كذلك أيضا يحكم في العلم الاجمالي بلزوم الإطاعة والخروج عن عهدة المعلوم بالاجمال، غاية الامر في العلم التفصيلي حيث أن المتعلق معلوم تفصيلا ولا ترديد فيه طريق إطاعته بإتيانه، واما في العلم الاجمالي حيث إن المتعلق غير معلوم تفصيلا طريق إطاعته بنظر العقل بإتيان جميع محتملاته في الشبهة الوجوبية، وترك الجميع في الشبهة التحريمية حتى يحصل القطع بامتثال ذلك التكليف المنجز فالاتيان بالجميع أو ترك الجميع يكون مقدمة لتحصيل الامتثال القطعي لذلك التكليف المنجز بالعلم الاجمالي ولذا سمي وجوب الاحتياط في أطراف العلم الاجمالي بالمقدمة العلمية.
ومما ذكرنا ظهر أن العلم الاجمالي كالعلم التفصيلي علة تامة لتنجز التكليف به ولا فرق بين وجوب الموافقة القطعية وحرمة مخالفتها ويكون علة تامة بالنسبة إلى كلتا المرحلتين وذلك من جهة عدم جواز مخالفة التكليف المنجز ولو احتمالا والترخيص في مخالفته القطعية تناقض قطعي وفي مخالفته الاحتمالية تناقض احتمالي وهما في الاستحالة سواء، فكما أنه ليس للشارع - ان يرخص في المخالفة القطعية ويكون تناقضا ترخيصه مع حكم العقل بلزوم الإطاعة - كذلك ليس له أن يرخص في المخالفة الاحتمالية لاحتماله تناقضه واحتمال التناقض في الاستحالة مثل القطع به، فيجب الموافقة القطعية ولا يجوز الترخيص في تركه وحكم العقل بالنسبة إلى كلتا المرحلتين سواء فالتفكيك - بين حرمة المخالفة القطعية وبين وجوب الموافقة القطعية بان العلم الاجمالي علة تامة بالنسبة إلى الأول ومقتض بالنسبة إلى الثاني - في غير محله بل الصحيح أنه علة تامة بالنسبة إلى كليهما، وظهر مما ذكرنا عدم
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»