حال قبح التجري باختلاف مراتب المصلحة أو المفسدة في الفعل المتجري به فلو كان الفعل المتجري به حراما واقعيا ذو مفسدة عظيمة يكون قبح التجري شديدا لأنه ليس هناك مصلحة موجبة لتخفيف قبح التجري بل ربما يجتمع القبحان فيصير قبح التجري أشد مما لو كان الفعل المتجري به مباحا وهو أشد مما إذا كان مستحبا، وهكذا في درجات المستحبات وهو أشد مما إذا كان واجبا بل في الواجبات المهمة لا يبقى له قبح أصلا.
ثم انه ذكر - في مورد مصادفة التجري مع المعصية الحقيقية أنه يتداخل عقابهما.
(ولكن أنت خبير) بأن دعاويه الثلاثة في هذا المقام كلها باطلة (اما الدعوى الأولى) - وهي أن قبح التجري يختلف بالوجوه والاعتبار - ففيها ان قبح التجري على المولى ذاتي لا يتغير عما هو عليه بطرو أي عنوان كان لان العقل مستقل بقبحه مثل قبح المعصية وليس من قبيل قبح الكذب حتى يتغير بواسطة طرو عنوان حسن عليه ككونه موجبا لنجاة نبي أو ولي وأمثال ذلك من العناوين الحسنة (واما الدعوى الثانية) - وهي أنه لو صادف انه اعتقد بحرمة واجب واقعي فيذهب قبح التجري بواسطة مصلحة ذلك الواجب إذا كانت مساوية مع قبح التجري أو كانت أزيد - ففيها أن العناوين المغيرة لحسن الاشياء أو قبحها لا بد وأن تكون ملتفتا إليها وهاهنا في المفروض يكون الوجوب غير ملتفت إليه والا يخرج عن كونه تجريا (واما الدعوى الثالثة) - وهي أن التجري لو صادف المعصية الحقيقية يتداخل عقابهما - ففيها أن ذلك محال إذ يلزم منه الجمع بين النقيضين إذ قوام التجري بعدم مصادفة الواقع والمعصية بمصادفتها له فهما متناقضان لا يجتمعان.
ووجه شيخنا الأستاذ (ره) الدعوى الثالثة بأنه يمكن أن يكون