واحد منهما عبارة عن مرتبة من كمال النفس بها يستحق لاطلاق هذا الاسم عليه فما أفاده في الكفاية - بالجريان بناء على الأول دون الثاني - لا وجه له (ثم) ان الاستصحاب في الأمور الاعتقادية قد يكون في حكمها وقد يكون في موضوعها (فالأول) كما إذا علم بوجوب الاعتقاد بتفاصيل البرزخ مثلا أو بخصوصيات النبي أو الأئمة من كونهم صلوات الله عليهم اعلم مثلا وكذا في سائر الصفات الكمالية ثم شك في بقاء هذا الحكم مثلا من غير جهة النسخ لان جريان استصحاب عدم النسخ بالنسبة إلى جميع الأحكام فيما عدا ما جاء الدليل على نسخه معلوم بل من جهة صيرورته مكفوفا وعدم قدرته على مطالعة الكتب واستنباط ما هو الحق الذي يجب أن يعتقد به أو لجهة بعد بلاده عمن يرفع الشبهات فلا مانع من جريان الاستصحاب لتمامية أركانه أي اليقين بوجوده والشك في بقائه.
وأما الثاني أي استصحاب الموضوع الذي يجب الاعتقاد به بعد الفراغ عن ثبوت حكمه فإذا شك في بقاء مثل هذا الموضوع مع علمه بوجوده سابقا وكان لبقائه أثر شرعي ولو كان ذلك الأثر من أعمال الجوانح وأفعال القلب مثل عقد القلب على نبوته أو إمامته فيجري الاستصحاب قطعا لتمامية أركانه وإنما الشأن في وجود الصغرى لهذه الكبرى (ويمكن أن يقال) لا شك في أن معرفة إمام زمانه وعصره واجب وهذا الحكم قطعي للحديث المتواتر عنه صلى الله عليه وآله (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية) فإذا شك في بقاء حياة من يدعى الإمامة يستصحب حياته لاثر وجوب معرفته وعقد القلب على إمامته بعد تحصيل العلم بإمامته (و قد عرفت) صحة إجراء الاستصحاب في مثل النبوة والإمامة إذا كان لبقائهما أثر شرعي عملي وتم أركانه من اليقين بوجوده سابقا وإن لم يكونا من المناصب المجعولة شرعا وان التفصيل لا وجه له.