فلا بد من تخصيص الشبهة بغير الشبهة البدوية بعد الفحص التام عن مظان وجود الأدلة وعدم وجدانها من الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي أو الشبهة البدوية قبل الفحص.
(ولكن ربما يقال) أن الشبهة بإطلاقها تشمل الشبهة البدوية قبل الفحص فمن الامر بالوقوف عندها مطلقا - سواء كانت قبل الفحص أو بعده وسواء كانت مقرونة بالعلم الاجمالي أو لم تكن كذلك مع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان - نستكشف إيجاب الاحتياط في الشبهة البدوية في الرتبة السابقة على الامر بالوقوف عندها وذلك بدلالة الاقتضاء لتصحيح التعليل بأن عدم الوقوف عندها اقتحام في الهلكة مع كون الهلكة بمعنى العقوبة كما هو المفروض، فالروايات الواردة بهذا المضمون تدل على وجوب الاحتياط بالطريق الذي بينا (وفيه) أن هذا البيان مستلزم للدور لتوقف إحراز الاطلاق في الشبهة بحيث تشمل الشبهة البدوية قبل الفحص على العلم بإيجاب الاحتياط في الرتبة السابقة على الامر بالوقوف والمفروض أن العلم بإيجاب الاحتياط موقوف على إحراز الاطلاق.
الطائفة الثالثة ما دل على وجوب الاحتياط وعدم المضي في الشبهات وهي أيضا كثيرة تبلغ حد الاستفاضة (منها) ما في الصحيح عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما جزاء قال عليه السلام (بل عليهما أن يجزي كل واحد منهما الصيد قلت إن بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه قال عليه السلام إذا أصبتم بمثل هذا ولم تدروا فعليكم الاحتياط حتى تسألوا عنه و تعلموا) (ومنها) ما في موثقة عبد الله بن وضاح قال كتبت إلى العبد الصالح يتوارى منا القرص ويقبل الليل ويزيد الليل ارتفاعا ويستر عنا الشمس ويرتفع فوق الجبل الحمرة ويؤذن عندنا المؤذنون فأصلي وأفطر إن كانت صائما أو أنتظر حتى تذهب الحمرة