منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ٢ - الصفحة ١٧١
الاستدلال بها أنه تعالى أخبر بعدم العقاب والتعذيب قبل بعث الرسل وإتمام الحجة فبعث الرسل كناية عن إيصال الاحكام إلى المكلفين فقبل أن يصل إليهم لا يؤاخذهم على مخالفة التكليف المجهول، فتدل على البراءة عند الشك في التكليف (وبعبارة أخرى) حيث إنه تبارك وتعالى في مقام الامتنان على العباد ونفي الظلم عنه تعالى فالمناسب لهذا المقام هو نفي التعذيب في غير مورد إتمام الحجة ووصول التكليف وعدم تنجزه عليه فتدل على رفع العقاب في مورد الجهل بالتكليف وعدم تنجزه عليه وهو مطلوب الأصولي، و لذلك قالوا أن هذه الآية أصرح وأظهر دليل على البراءة في الشبهات و مورد الجهل بالتكليف الإلزامي (ولكن مع ذلك فيه) أن الآية ظاهرة بل صريحة في نفي التعذيب عن الأمم السابقة وإهلاكهم قبل بعث الرسل وإنزال الكتب وإتمام الحجة عليهم بظهور المعجزات وخوارق العادات فالآية أجنبية عن المقام أي البراءة عن التكليف المجهول.
ثم أن الأخباريين استدلوا بهذه الآية على عدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع (بتقريب) أن العقل إذا حكم بلزوم فعل شي أو تركه ولم يرد بيان من قبل الشارع فلا عقاب على مخالفة ما حكم العقل بلزوم فعله أو تركه، ونفي العقاب يدل على نفي التكليف ففي مورد حكم العقل بلزوم فعل أو ترك شي ليس على وفقه حكم من الشارع بحكم هذه الآية.
وفيه (أولا) ما ذكرنا أن الآية ظاهرة في نفي التعذيب الدنيوي عن الأمم السابقة قبل إتمام الحجة عليهم ببعث الرسل وظهور المعجزات وخوارق العادات على أيديهم فهي أجنبية عن البراءة وعن نفي قاعدة الملازمة (وثانيا) على فرض الدلالة على البراءة وكون المراد من الرسول البيان الواصل إلى المكلف (فنقول) حكم العقل بيان وقد وصل إلى المكلف ولذلك اشتهر أن العقل رسول باطني كما أن الأنبياء رسل ظاهرية.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»