تقريبي (لان) العدم لا تأثير له ولو في العدم الأصولي يدعى وجود الدليل على البراءة من الآيات والروايات ودليل العقل، والاخباري أيضا كذلك يدعى وجود الدليل على الاحتياط (هذا مضافا) إلى أنه لو كان ما ذكروه صحيحا وكان عدم الدليل دليلا على العدم فيكون من قبيل قيام الامارة على الحكم الواقعي لا الوظيفة العملية المجعولة للشاك والمتحير بعد الفحص واليأس من الظفر على الدليل كما هو مفاد البراءة، وأما استصحاب عدم التكليف أو الوضع على فرض جريانه فهو أصل تنزيلي يكون حاكما على البراءة ولو كان مؤداه موافقا لمؤدى البراءة وواضح انه غير البراءة. إذا عرفت هذه الأمور فلنشرع فيما هو المقصود من جريان البراءة في الشبهة البدوية الوجوبية أو التحريمية بأقسامها من الحكمية والموضوعية وفيها مباحث يأتي تفصيلها.
(المبحث الأول): في الشبهة الحكمية التحريمية لأجل فقدان النص:
وقد وقع الخلاف فيها بين الأخباريين والأصوليين، فالاخباريون قاطبة قالوا بلزوم الاحتياط، والأصوليون قالوا بالبرأة، والأقوى هو الثاني، واستدل عليه بالأدلة الأربعة.
أما الكتاب:
فب آيات (منها) قوله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها) وتقريبه بأن يكون المراد من الموصول هو التكليف، والمراد من الايتاء هو الايصال والاعلام، لان إيتاء كل شي بحسبه وإيتاء التكليف ليس إلا بإيصاله وإعلامه، وبناء على ما ذكرناه في معنى الآية دلالته على المطلوب واضحة، إذ الآية بناء على هذا المعنى تدل على أن التكليف الذي ما أوصله الله إلى المكلف وما أعلمه مرفوع عنه ولا يوقعه في مشقة التكليف به (لكنه أورد عليه) بأنه من المحتمل أن يكون المراد بالموصول هو المال ومن الايتاء هو التمليك بقرينة المورد فتكون الآية