تأثيره حدوثا.
وشيخنا الأستاذ قدس سره أفاد بأن كليهما مفهومهما العرفي المنع عن تأثير المقتضى حدوثا حتى في الرفع، لان الممكن يحتاج إلى العلة بقاء ففي كل آن يحدث أثر للمقتضى باعتبار ذلك الان، فالرفع و الدفع بمعنى واحد (نعم) الرفع غالبا يستعمل فيما له الوجود سابقا والدفع يستعمل غالبا فيما ليس له وجود سابقا، وهذا القدر من الفرق لا يوجب اختلاف مفهومهما وظهورهما، فاستعمال أحدهما في محل الاخر لا يوجب تجوزا في الكلمة ولا يحتاج إلى رعاية عناية أصلا وعليه بنى أن الرفع في الحديث بمعنى الدفع من دون تجوز.
ولكن أنت خبير باختلاف مفهوميهما عند العرف كما ذكرنا (وعرفت) أن الرفع ظاهر فيما له سبق وجود بخلاف الدفع، فإنه ظاهر فيما ليس له سبق وجود (ولكن) كون الرفع في الحديث بمعنى الدفع كما هو الصحيح لا يحتاج إلى ما أفاد بل المقتضى إذا كان لشي موجودا وكان تام الاقتضاء فالاثر والمقتضى يكون بنظرهم موجودا فإذا جاء ما يمنع عن التأثير يرونه رفعا حقيقة ولم يستعمل الرفع في غير معناه حتى يكون مجازا في الكلمة وكان محتاجا إلى رعاية علاقة (ومما يدل) على أن الرفع في الحديث بمعنى الدفع هو أن الموصول فيما لا يعلمون المراد به الحكم الشرعي المجهول فإن كان في حال الشك موجودا وبحديث الرفع يرفع ذلك الحكم الموجود فهذا يكون نسخا وهو معلوم البطلان وإن لم يكن موجودا فمعناه أن الأحكام الشرعية مخصوصة بالعالمين وليست مشتركة بين العالمين والجاهلين وهذا باطل إجماعا، فلا مناص (إلا أن يقال) بأن إنشاء الاحكام الواقعية لما لم يمكن شمولها لمرتبة الجهل بها لما يلزم من تقدم الشئ على نفسه وهو محال فوصولها إلى تلك المرتبة يحتاج إلى جعل آخر سميناه بمتمم الجعل وهو في مقامنا