فصل تحريمه دليلا على الحلية مع احتمال حرمته، فتدل الآية على حلية مشكوك الحرمة مع عدم دليل على حرمته (وفيه) أن عدم كونه مما فصل حرمته، يوجب العلم بعدم حرمته إذ ظاهر الآية أنه تبارك و تعالى فصل جميع المحرمات لظهور الموصول في العموم وبعد ما لم يكن داخلا في المحرمات فيكون بالقطع واليقين من جملة المحللات.
وأما الاخبار فبروايات أظهرها في الدلالة على المطلوب حديث الرفع وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم (رفع عن أمتي تسعة الخطاء والنسيان وما أكرهوا عليه وما لا يطيقون وما لا يعلمون وما اضطروا إليه والطيرة و الحسد والوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة) والحديث الشريف مروي في الخصال بسند صحيح عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام فكونه من الصحاح مع اشتهاره بين الأصحاب واعتمادهم عليه يغني عن التكلم في سنده، وأما دلالته وما يستفاد من فقراته فيظهر برسم أمور.
(الامر الأول) لا شك في أن الرفع يستعمل عند العرف في إزالة شي موجود مع كون المقتضى لبقائه موجودا، والدفع يستعمل فيما إذا لم يوجد بعد ولكن كان المقتضي لوجوده موجودا، فالمفهوم العرفي للرفع عبارة عن إزالة الموجود مع وجود المقتضى لبقائه، وأما الدفع عندهم عبارة عن منع تأثير المقتضى في وجود الشئ، فهما يشتركان في أن ورودهما لا بد وأن يكون في مورد يكون المقتضى لوجود الشئ موجودا، ويفترقان في أن الرفع لا يرد إلا في مورد أثر المقتضى بالكسر أثره وصار المقتضى بالفتح موجودا بخلاف الدفع فإنه يرد بعد وجود المقتضى بالكسر ولم يوجد المقتضى بالفتح بعد فالرفع يمنع عن تأثير المقتضى بقاء والدفع يمنع عن