وكيف لا يكون جهالة وضلالة مع أن الظن - بوجود الصانع الحكيم أو سائر هذه الأمور - مساوق مع احتمال العدم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (فظهر) أنه على فرض تحقق مقدمات الانسداد لا وجه لوجوب تحصيل الظن بهذه الأمور ولا الالتزام والاعتقاد بذلك المظنون.
(وأما معرفة) تفاصيل عالم القبر والبرزخ والسؤال والجواب مع الملكين (النكير والمنكر) وإن القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النيران وكيفية نعيمها وأسلوب جحيمها وكيفية المعراج والمعاد الجسمانيين ووجود الجهنم وانه مخلوق الان (أو انه) يخلق في يوم القيامة وكذلك الجنة، فكل ما كان ضروريا يجب الاعتقاد به كالمعاد والمعراج الجسمانيين وإن الجنة والنار مخلوقتان فعلا، والمنكر يكون كافرا خارجا عن ربقة الاسلام.
(نعم هنا كلام) في أن إنكار الضروري هل هو بنفسه موجب للكفر و الارتداد؟ أو من جهة استلزامه لانكار أصل الدين وبنوة خاتم النبيين، وهذه مسألة فقهية ليس هاهنا محل بحثه، ففي مثل هذه الأمور الضرورية أيضا لا مجال لتحقق الانسداد والقول بكفاية تحصيل الظن والاعتقاد بالمظنون (وأما ما ليس) بضروري فإن حصل له القطع من دليل عقلي أو نقلي فيلتزم به، وإلا لا وجه (للزوم) تحصيل القطع به ولو كان ممكنا فضلا عن لزوم تحصيل الظن والالتزام بذلك المظنون عند عدم إمكان تحصيل القطع وانسداد باب تحصيل العلم بالنسبة إليه، إلا إذا دل دليل قطعي على لزوم تحصيل العلم بالنسبة إليه وإلا يكون مجرى للبرأة، هذا مع إمكان الاعتقاد بواقعة بطور الاجمال بدون أن يلزم منه عسر أو اختلال نظام، وهذا بخلاف إدراك الواقع في الاحكام الفرعية العملية (فإنه)