حيث إنهم وسائط فيضه لعباده يجب معرفتهم وعقد القلب على نبوتهم، وإمامة الأئمة الاثني عشر أيضا لذلك (واما أن يكون من جهة) دفع الضرر المحتمل أي احتمال العقاب أعني الضرر الأخروي (و حينئذ) الكبرى والصغرى معلومتان.
وهنا احتمال ووجه ثالث لوجوب تحصيل المعرفة بهذه الأمور و الاعتقاد بها ولعل هو الوجه الوجيه، وهو أنه لا شبهة في أن معرفة هذه الأمور والاعتقاد بها من كمالات النفس وبها يرتقي من حضيض الحيوانية بل كونها أضل إلى أوج الملكوتية بل أعلى منها خصوصا إذا وصلت إلى مرتبة عين اليقين وكشف الغطاء، ولا شك في أن في تحصيل هذه المرتبة من الكمال أقوى المصالح وألزمها، فيحكم العقل الفطري بلزوم تحصيلها والاعتقاد بها وهذا الوجوب عقلي و مطلق. بمعنى أن وجوب الاعتقاد بهذه الأمور ليس مشروطا بحصول المعرفة بل يجب تحصيلها من باب المقدمية، وهذا لا ينافي وجوبها - أي معرفة هذه الأمور - نفسيا، إذ معنى وجوبها المقدمي هو لزوم تحصيل المعرفة بهذه الأمور لأجل الاعتقاد والتدين بها ولو لم يكن تحصيلها في حد أنفسها واجبا (فتلخص مما ذكرنا) عدم انسداد باب العلم إلى معرفة هذه الأمور.
ثم لو سلمنا الانسداد فلا وجه للزوم تحصيل الظن والتدين بما هو المظنون لا بطور الواجب المطلق ولا الواجب المشروط، وذلك من جهة عدم كونه شكر المنعم ولا يدفع به الضرر المحتمل بل الضرر المحتمل مدفوع بنفس قبح العقاب بلا بيان، لأنه لا بيان شرعي في البين لاستلزامه للدور، ولا بيان عقلي لعدم استقلال العقل بحسن تحصيل الظن والاعتقاد بالمظنون (وعدم مجئ) الوجه الثالث الذي قلنا هو الوجه الوجيه في المقام واضح لان حصول الظن بهذه الأمور ليس كمالا للنفس بل هو جهالة وضلالة