منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٤٠٥
لا حلوليا، وتكونان بالنسبة إليها كالمعلول بالنسبة إلى علته. وحيث أن النفس تكون من عالم السعة والاحاطة فلا مانع من قيامهما بها بمثل هذا القيام. نعم لو كان متعلقهما واحدا لما أمكن من جهة عدم إمكان تحقق البعث والزجر نحو شئ واحد في زمان واحد من شخص واحد. وأما لو كان هناك عنوانان تعلق بأحدهما الامر وبالآخر النهي فلا يلزم اجتماع، ولو تصادق العنوانان على واحد شخصي. نعم يقع التزاحم في مرحلة امتثال العبد لو لم تكن مندوحة في البين (وأنت خبير) بأن الصفات النفسية وإن كانت قائمة بالنفس، ولكن قد يقع التضاد بينها باعتبار متعلقاتها، فلو قلنا بسراية الإرادة والكراهة إلى الخارج ولو كان بتوسيط الصورة الذهنية كما تقدم شرحه مفصلا، فلا محالة يتحقق اجتماع الضدين بهذا الاعتبار.
(الثاني) - وقوعه في الشرعيات وذلك كالعبادات المكروهة. ولا فرق في تحقق التضاد بين أن يكون الضدان من قبيل الوجوب و الحرمة وبين أن يكون من قبيل الاستحباب والكراهة. وذلك من جهة أن الأحكام الخمسة متضادة بأسرها، فلو كان اجتماع الوجوب و الحرمة في واحد بعنوانين موجبا لاجتماع الضدين، فلا بد وأن يكون اجتماع الكراهة والاستحباب أيضا موجبا لاجتماع الضدين و محالا، لكنه واقع في الشرعيات وأدل دليل على إمكان الشئ وعدم محاليته وقوعه (وأنت خبير) بأن مركز الأمر والنهي في الموارد المتوهمة ليس بواحد، بل إما أن يكون الامر متعلقا بالطبيعة والنهي التنزيهي بالخصوصية، واما أن يكون النهي متعلقا بعنوان آخر ينطبق على التعبد بالمأمور به كالتشبه بأعداء الدين أو عبدة الأصنام مثلا، وإلا فكون التضاد بين الاستحباب والكراهة معلوم وواضح.
ومحالية اجتماع الضدين وامتناعه أوضح.
ثم إن الكلام في مقام الامتثال يكون تارة مع وجود المندوحة وأخرى مع عدمها. وما تقدم من الاشكال في الامتثال بإتيان المجمع انما كان مع وجود المندوحة.
وأما مع عدمها والاضطرار إلى الغصب مثلا، فتارة يكون الاضطرار لا بسوء
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»