منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٤٠٦
الاختيار كالمحبوس في الأرض أو الدار المغصوبة، وأخرى يكون بسوء اختياره كالمتوسط فيها اختيارا وعدوانا.
ففي القسم الأول يسقط النهي بواسطة الاضطرار، فلا يبقى مانع عن امتثاله، إذ ليس مانعية النهي النفسي مثل مانعية النهي الغيري بحيث يكون لعدم المنهي عنه دخل في ملاك الشئ، وذلك كلبس الذهب والحرير للرجال، ولبس غير المأكول مطلقا، حيث أن ملاك الصلاة لا يحصل مع وجود هذه الأمور، بل تكون مانعيته من جهة عدم إمكان التقرب بالمبغوض أو عدم وجود الملاك بواسطة وجود النهي، فإذا سقط النهي بواسطة الاضطرار فلا مبغوضية في البين، ويستكشف الملاك من الاطلاقات التي كانت مقيدة بواسطة وجود النهي حتى بناء على الامتناع، لأنه لا مقيد بعد سقوط النهي، فكأنه لم يكن من أول الامر.
و (أما القسم الثاني) - أي فيما إذا كان الاضطرار بسوء الاختيار كالاضطرار إلى الخروج للتخلص عن الغصب - فقد وقع الكلام و اختلفت الآراء في مثل هذا التصرف والصلاة التي تقع في ضمنه، أما حكمه التكليفي فقيل بأنه يقع عصيانا للنهي المتوجه إليه بترك الغصب مطلقا، سواء كان التصرف هو التصرف الدخولي أو البقائي أو الخروجي إذ كان يمكنه ترك جميع هذه التصرفات في أول الامر بترك الدخول، وهو بسوء اختياره جعل ترك هذا التصرف ممتنعا على نفسه والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار. وبناء على هذا يكون الخروج حراما يعاقب عليه، ونسب إلى أبي هاشم المعتزلي و المحقق القمي (ره) وجوبه أيضا، لكونه مصداقا للتخلص الواجب و ترك العدوان ورفع اليد عن مال الغير ورده إليه، ففي الحقيقة هاهنا قولان: (أحدهما) - أنه حرام فعلا فقط. و (ثانيهما) - أنه مع ذلك واجب أيضا. وكلا القولين في غاية السخافة، لان النهي الفعلي مع عجز المكلف قبيح عقلا لا يمكن أن يصدر عن الحكيم، بل بناء على ما أشرنا إليه سابقا في الامر أنه عبارة عن البعث إلى أحد طرفي المقدور، فالنهي أيضا - حقيقة - عبارة عن
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»