منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٤٠٤
(وأنت خبير) بأنه لا فرق بين الامرين، إذ لو كان المراد تقييد المتعلق لحاظا في الرتبة السابقة على الامر ثم ورود الامر على ذلك الملحوظ المقيد، فليس في كلا الموردين تقييد كذلك وإن كان المراد أن واقع المبعوث إليه مضيق لا يشمل الفرد غير المقدور فهذا القسم من التضييق موجود في كلا المقامين وانما الاختلاف في منشأ التضييق، ففي أحدهما قصور الامر ذاتا وعدم إمكان تحققه و توجيهه إلى غير المقدور، وفي الاخر قبح ذلك مع إمكانه تكوينا. و حاصل الكلام أن المكلف يكون عاجزا عن إتيان هذا الفرد من الطبيعة المأمور بها المنضم إلى الخصوصية المبغوضة المحرمة شرعا، فلا ينطبق المأمور به المضيق على هذا الفرد فلا يكون الانطباق قهريا والاجزاء عقليا، كما نسب إلى المحقق الثاني (قده)، فلا تحصل الإطاعة والامتثال، فعلى فرض القول بالجواز في المقام الأول أي مقام الجعل والتشريع لا وجه للقول بالجواز في المقام الثاني أي مقام الإطاعة والامتثال، مضافا إلى عدم تحقق قصد القربة بالنسبة إلى هذا الفرد المبتلى بالمزاحم أي الخصوصية المبغوضة المحرمة. (و بعبارة أخرى) صرف كون الطبيعة مقدورة ببعض وجوداتها و أفرادها لا يصحح انطباقها بما هي مقدورة على الفرد غير المقدور منها، سواء كان عدم القدرة بواسطة عجزه خارجا وتكوينا أو بواسطة المنع الشرعي كما في المقام. وأما توهم أن المأمور به هو ذات الشئ لا بوصف أنه مقدور فقد أجبنا عنه بأن تضييق المأمور به قطعي وليس هو إلا الحصة التوأمة مع المقدورية، وإن كان منشأ هذا التضييق يختلف عندهم، فعند بعض يكون لضيق في نفس الامر و من مقتضيات ذاته ومن ناحية حكم العقل بقبح خطاب العاجز عند آخرين.
ثم انه قد ذكر هاهنا وجهان آخران للجواز:
(الأول) - أن الإرادة والكراهة من صفات النفس وقائمتان بها (و بعبارة أخرى) موضوعهما النفس وليس معروضهما وجودات الطبائع الخارجية حتى يلزم اجتماع الضدين. وأما في النفس فلا يلزم من جهة أن قيامهما بها يكون قياما صدوريا
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»