الغصب بهذا المعنى أو لم يكن الذي هو محرم هو التعدي على الغير، فكل حركة تصدر منه في دار الغير أو أرضه مثلا بدون رضاه تكون مصداقا حقيقيا لما هو المحرم.
ومعلوم أن الصلاة أيضا ليست إلا نفس هذه الحركات وعلى فرض كونها عبارة عن الأوضاع الحاصلة عن هذه الحركات، فأيضا يجتمع الوجوب والحرمة في نفس الحركات غاية الامر الوجوب المقدمي مع الحرمة النفسية وبهذا يندفع ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره) من أنه أي فرق بين كون زيد في الدار وبين كون الصلاة في الدار، فكما أن كون زيد في الدار غير أصل وجوده فليكن كذلك أيضا وجود الصلاة في الدار غير أصل وجودها وذلك من جهة أنه بعد ما عرفت فيما تقدم أن المأمور به هو إيجاد الصلاة مثلا في الخارج فيكون إيجادها في المكان الغصبي الذي هو بنفسه تصرف في مال الغير ويكون حراما مصداقا حقيقيا للمأمور به ومعنونا واقعيا للعنوان الواجب أي إيجاد الصلاة في مكان من الأمكنة.
فظهر من مجموع ما ذكرنا أنه إن كان متعلق الامر مع متعلق النهي متعددا وجودا في الوجود الخارجي ولو كان الوجودان منضما بعضهما ببعض أو كان أحدهما متلازما مع الاخر، فلا ينبغي أن يشك في إمكان ان يكون أحد الوجودين متعلقا للامر والاخر متعلقا للنهي. ولا يلزم اجتماع الضدين البتة ولكن هذا الفرض ليس محل الكلام بين الأصحاب ظاهرا كما يظهر من أمثلتهم في مختلف الموارد، وأيضا تسمية هذا بالحيثية التقييدية لا وجه له كما هو ظاهر و إن كان واحدا وجودا ومتعددا مفهوما فبناء على ما هو الحق من تعلق الطلب بالوجود الخارجي فلا محالة يصير اجتماع الضدين في المجمع.
وأما ما يقال من إمكان أن تكون لوجود واحد شؤون وأطوار وحالات ويكون أحد تلك الأطوار أو الحالات واجبا، والاخر حراما ولا يلزم اجتماع الضدين لاختلاف مركز الأمر والنهي ويقال بأن هذا هو المراد من كون الحيثيتين تقييديتين (ففيه) أن تلك الحالات و الشؤون إن كانت متحدة وجودا مع الذات المتشئنة بها