الردع والزجر عن أحد طرفي المقدور، فغير المقدور لا يمكن أن يكون متعلقا لا للامر ولا للنهي، لا أنه قبيح فقط. وأما قاعدة (الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار) فلا ربط لها بالمقام، لان المراد منها أن التكليف إذا توجه إلى المكلف وكان قادرا على امتثاله، ثم بسوء اختياره جعل ذلك الامتثال ممتنعا على نفسه، فلا يكون معذورا في ترك الامتثال، بل يؤاخذ ويستحق العقاب، لأنه - في الحقيقة - ترك الامتثال عمدا وبسوء اختياره (وبعبارة أخرى) عجز نفسه اختيارا، لا انه في حال العجز يكون التكليف متوجها إليه كما يدعيه المدعي في المقام، فان هذا إما قبيح أو غير معقول كما أشرنا إليه. و القول الاخر - أي كون التصرف الخروجي فعلا حراما فقط من دون أن يكون واجبا - باطل أيضا لعين ما ذكرنا من قبح تكليف العاجز عقلا أو امتناعه تكوينا. ولا فرق في ورود هذا الاشكال بين القول بوجوبه أيضا كما نسب ذلك إلى أبي هاشم المعتزلي والمحقق القمي (ره) وبين القول بعدم وجوبه، مضافا إلى حرمته الفعلية.
(القول الثالث) - ما ذهب إليه صاحب الفصول (ره) من أنه واجب فعلا ولكن مع ذلك يعاقب عليه من جهة عصيانه السابق لترك الخروج بواسطة عصيانه لترك الدخول، فبمحض دخوله حيث عجز عن ترك الخروج، إذ هذا المقدار من التصرف لا بد منه بحكم العقل بل الشرع سقط النهي عن التصرف الخروجي ولكن سقوطه بالعصيان، فيعاقب عليه، فإذا سقط النهي فلا مانع من تعلق الامر به و صيرورته واجبا بعد ذلك (وأنت خبير) بأنه وإن أمكن حدوث النهي قبل زمان المنهي عنه، ولكن صرف هذا لا يكفي بل لا بد من بقائه إلى زمان المنهي عنه (وبعبارة أخرى) الجلوس يوم الجمعة إذا كان مبغوضا ومنهيا عنه لا بد وأن يكون طلب الترك أيضا في ذلك اليوم حتى بناء على إمكان الواجب المعلق (وبعبارة واضحة) الامتثال لا بد وأن يكون ممكنا، ومعنى الامتثال هو الانبعاث عن البعث في باب الأوامر، والانزجار بالزجر في باب النواهي، وفي هذا المقام لا يمكن الانزجار بالزجر لا قبل