ليس إطلاق تلك الصفات عليه تبارك وتعالى باعتبار قيام مبادئها به، بل باعتبار أنه عين مبادئها لا أنه ذات ثبتت لها المبادئ فإذا كان الوجود ناقصا فيكون كل مبدأ غير المبدأ الاخر، وتكون تلك المبادئ أعراضا لموضوعاتها، وليس لها استقلال في الوجود، بل تكون من شؤون موضوعاتها، ووجودها في أنفسها عين وجوداتها لموضوعاتها. وأما إذا كان تاما وبسيطا فهو في عين وحدته و بساطته وأحديته جامعة لجميع الكمالات من دون تطرق كثرة أو تركب فيه، ولتحقيق هذه المسألة مقام آخر (المقدمة الثالثة) أن مبادئ الاشتقاقات سواء كانت من الاعراض الخارجية المحمولة بالضمائم على موضوعاتها، أو كانت من الأمور الاعتبارية كالطهارة والنجاسة والولاية والقضاوة وأمثالها إذا كان بينها عموم من وجه، ففي مادة الاجتماع - بعد ما عرفت أن جهة الصدق في كل منهما غير جهة الصدق في الاخر في المقدمة السابقة - إما أن يحصل تركيب بينهما أو لا يكون ارتباط بينهما إلا في صرف وجودهما في موضوع واحد كالعلم والفسق مثلا، أو قيامهما بشخص واحد كالتكلم وحركة اليد مثلا.
لا كلام على الثاني، لأنهما أمران ووجودان فلو تعلق بأحدهما الامر و بالآخر النهي لا يكون من باب الاجتماع، ولا ينبغي أن يتوهم أحد امتناع مثل ذلك، لان صرف اجتماع متعلق الأمر والنهي في موضوع واحد مع أن لكل واحد منهما وجود مستقل لا ربط له بالآخر لا يصير منشأ لتوهم اجتماع الضدين. وأما على الأول - أي بناء على حصول تركيب بينهما بأن يكون كل واحد منهما مشخصا للآخر - فلا بد وأن يكون التركيب بينهما تركيبا انضماميا، وذلك من جهة أن المبادئ سواء كانت من الاعراض الخارجية أو من الاعتباريات أخذت بشرط لا بالنسبة إلى موضوعاتها، وكذلك كل واحد بالنسبة إلى الاخر، فلا يمكن اتحاد أحدهما مع الاخر، فإذا اجتمعا لا بد وأن يكون اجتماعهما وتركبهما بنحو الانضمام لا بنحو الاتحاد (وبعبارة أخرى) المشتقات - حيث أنها أخذت لا بشرط - تكون متحدة مع الذات المتصفة بمبادئها وفي مورد الاجتماع كل واحد منها متحد مع الاخر أيضا، كما أنه متحد مع الذات