(إذا عرفت ذلك) فنقول إن اللازم بحكم العقل رفع اليد عن ظهور الطلب في التمامية إذ ذلك المقدار الناقص أي حفظ وجود متعلقه الا من ناحية وجود ضده هو القدر المتيقن من الطلب سواء قلنا باشتراطه بعصيان الأهم لرفع المحال أي طلب الجمع بين الضدين أو قلنا بنقصان الطلب، فهذا المقدار من النقص شئ لا بد منه (وبعبارة أخرى) بعد ما كان الطلب المتعلق بالأهم تاما أو ان شئت فسمه مطلقا، فلا مناص الا من القول بنقصان الطلب في طرف المهم إما من باب كون الإرادة ناقصة أو من باب التقييد فلا بد من الخروج عن ظهور الامر في التمامية فتبقى جهة ظهور الامر في عدم الاشتراط والإناطة تحت الاطلاق ولازمه عدم طولية الطلبين المتعلقين بالضدين بل كل واحد منهما مطلوب في عرض مطلوبية الاخر غاية الامر مع تساوي المصلحتين كل واحد منهما ناقص ومع كون أحدهما أهم فخصوص المهم ناقص نعم حينئذ لا مجال لاطلاق لفظ الترتب على هذا البحث، لان الامرين - بناء على هذا - عرضيان لا تقدم لأحدهما على الاخر رتبة.
هذا ما أفاده قدس سره.
وفيه (أولا) - أن اشتراط كل واحد من الامرين في المتزاحمين المتساويين بعدم إتيان متعلق الاخر لا يلزم منه تقدم الشئ على نفسه أو تأخره عن نفسه بحسب المرتبة لأنه لا تأخر لعدم إتيان المتعلق عن الامر بل يمكن إتيانه وعدم إتيانه سواء كان أمر أو لم يكن.
و (ثانيا) - على فرض أن يكون كل واحد من الامرين مشروطا بعصيان الاخر لا يلزم ذلك المحذور أصلا لان العصيان وان كان في مرتبة الامتثال لأنه نقيضه إذ الامتثال هو الانبعاث عن البعث و العصيان عدمه والامتثال أيضا وان كان متأخرا رتبة عن الامر، لان الامر من دواعيه وعلله إلا ان ما مع شئ في الرتبة لا يلزم أن يكون متأخرا عن كل ما يكون ذلك الشئ متأخرا عنه إذ ربما يكون ملاك التأخر أو التقدم في ذلك الشئ ولا يكون في ما هو معه ففيما نحن فيه ملاك التأخر في الامتثال