المتصفة به مثل العالم الفاسق، فإنه عالم وفاسق أيضا، وفي مورد اجتماع هذين الوصفين كل واحد منهما أيضا متحد مع الاخر، فهذا العالم فاسق وهذا الفاسق عالم، فإذا قال: أكرم العالم ولا تكرم الفاسق تكون الحيثيتان تعليليتين بالنسبة إلى حكمهما، بمعنى أن موضوع الحكمين ليس نفس الحيثيتين فقط بحيث يكون تمام الموضوع لوجوب الاكرام حيثية العلم فقط، وتمام الموضوع لحرمته حيثية الفسق فقط، بل تكون هناك ذات مشتركة بين الحكمين، فهذا الشخص الخارجي بما أنه متصف بالعلم محكوم بوجوب الاكرام، و بما أنه متصف بالفسق موضوع لحرمة الاكرام، فكانت علة وجوب إكرامه علمه، وعلة حرمة إكرامه فسقه، ولذلك سميت الحيثية تعليلية، وإن كان ظاهر هذه اللفظة أي كون الحيثية تعليلية معناه أن يكون موضوع الحكم نفس الذات ويكون الوصف واسطة في الثبوت لا واسطة في العروض، ولكن هذا المعنى ليس بمراد هاهنا قطعا، كما أن مرادهم من كون الحيثيتين تقييديتين ليس أن تكونا قيدين للموضوع كما هو ظاهر هذه اللفظة، بل المراد أن تكونا تمام الموضوع أي تكون إحداهما تمام الموضوع للوجوب، والأخرى كذلك تمام الموضوع للحرمة وهذا بخلاف المبادئ فإنها حيث أخذت بشرط لا فلا تتحد مع الذات المعروضة لها أو تكون تلك المبادئ قائمة بها، وأيضا لا يتحد كل واحد منها مع الاخر.
والحاصل أنه لو كان متعلق التكليف الوجوبي والتحريمي المشتقين الذين بينهما عموم من وجه، فلا محالة في مورد الاجتماع تتحقق أمور ثلاثة: (الأول) - أن كل واحد من المشتقين يحمل على الاخر بالحمل الشائع للاتحاد الذي بينهما، لمكان أخذهما لا بشرط، وهكذا يحملان على الذات المتصفة بهما لعين تلك الجهة (الثاني) - أن الحيثيتين تكونان تعليليتين بالمعنى الذي تقدم (الثالث) - أن التركيب بينهما يكون اتحاديا لا انضماميا، كل ذلك لأجل أخذها لا بشرط وأما لو كان متعلق التكليفين هما المبادئ فلا يحمل أحدهما على الاخر ولا هما على الذات المتصفة بهما، ولا يكون التركيب بينهما اتحاديا، بل لا بد وأن يكون انضماميا. والحيثيتان تقييديتان لا تعليليتان بالمعنى الذي تقدم، كل ذلك لأجل أخذها بشرط لا. وهناك فرق آخر