هذين الذاتيين عموم من وجه. نعم يمكن أن تتحقق هذه النسبة بين ذاتي له مع عرضي يحمل عليه بالحمل الشائع، كالحيوان والماشي بالنسبة إلى الانسان ويمكن أن تتحقق بين عرضيين كالماشي و الأبيض بالنسبة إليه.
أما في القسم الأول - أي فيما إذا كان أحد العامين من وجه ذاتيا لمصاديقه والاخر عرضيا - فاختلاف جهة الصدق معلوم فيهما، لان مناط الصدق في الذاتي هو عدم خروج المحمول عن حقيقة الموضوع وفي العرضي هو انضمام شئ خارج عن حقيقة الموضوع إليه، سواء كان من الأمور الاعتبارية أو من الأمور التكوينية الخارجية.
وأما في القسم الثاني - أي فيما إذا كانا عرضيين لمصاديقهما - فلأنه لو كان مناط الصدق وجهته في أحدهما عين ما هو في الاخر لكان الافتراق بينهما محالا - إذ لو لم يكن ذلك المناط في مادة الافتراق يلزم تحقق المعلول بلا علة، وإن كان ذلك المناط موجودا ومع ذلك لا يصدق أحدهما كما هو المفروض، يلزم عدم تحقق المعلول مع وجود علته وكلاهما محال.
وأما الاعتراض على ما ذكرنا بصفات الواجب بأنه مع كون النسبة بينها عموما من وجه لا يمكن أن تكون جهة الصدق في أحدها غير جهة الصدق في الأخرى للزوم التركيب في ذاته المقدسة، (ففيه) أن هذا القياس في غير محله من جهة أن كلامنا هاهنا في المفاهيم التي تحمل على موضوعاتها باعتبار قيام مباديها بتلك الموضوعات، لأنه بعد ما فرغنا من أن هذه النسبة لا تتحقق بين المفاهيم الذاتية، فلا بد وأن يكون إما بين عرضيين أو بين ذاتي وعرضي كالانسان أو الحيوان والأبيض، حيث أن الانسان أو الحيوان ذاتي لمصاديقه و الأبيض عرضي لها وفي كلا المقامين لا يمكن أن يكون محكي أحد المفهومين عين ما يحكيه الاخر، لأنه في الأول كل واحد منها يحكي عن قيام مبدء عرضي بالموضوع غير ذلك المبدأ الاخر، سواء كان من قبيل الاعتباريات كالملكية والمالية بناء على أن يكون بينهما عموم من وجه، أو من الاعراض التكوينية كالأبيض والحلو وفي الثاني أحدهما يحكي عن تمام ماهية الشئ أو بعضها والاخر عن قيام عرض تكويني أو أمر اعتباري بموضوعه، وفي صفات الواجب