منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١٨٦
وما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) - من أن العقاب على الواقع المجهول قبيح - صحيح فيما إذا كان الجهل عن قصور أو من جهة عدم بيان المولى، وأما لو كان عن تقصير بعد بيانه وإتمام الحجة فلا إشكال فيه أصلا، فأحسن الأقوال بل الصحيح منها هو القول الأخير.
ثم إنه لا شك في وجوب التعلم مع العلم أو الاطمئنان بالابتلاء كما أنه لا شك في عدم الوجوب مع العلم أو الاطمئنان بعدم الابتلاء، وانما الكلام في مورد الاحتمال احتمالا عقلائيا مع عدم العلم أو الاطمئنان بأحد الطرفين فهل يجب مطلقا أو لا يجب كذلك أو يفصل بين أن يكون المحتمل من الأمور العامة البلوى فيجب أو لا فلا.
يمكن أن يقال بالتفصيل بين الأمور التي يكثر الابتلاء بها كمسائل السهو والشك في الافعال أو عدد الركعات بالنسبة إلى الصلاة مثلا، فان كل مكلف في معرض الابتلاء بهذه الأمور في كل يوم، والعقل يستقل بلزوم التعلم في مثل المقام وإلا لم يؤد وظيفته العبودية فتكون هذه الصورة في نظر العقل مثل صورة العلم والاطمئنان بالابتلاء، وليس موضوع حكمه الابتلاء الواقعي حتى يرتفع باستصحاب عدم الابتلاء، مع أن جريان استصحاب عدم الابتلاء في هذا الفرض مشكل جدا لانتقاض الحالة السابقة في بعض الأحيان جزما لان الأمور التي يكثر الابتلاء بها يطمئن الانسان بابتلائه بها في بعض الأوقات فأي إنسان لا يطمئن بابتلائه مدة عمره بمسائل السهو أو الشك في صلاته، نعم بناء على هذا يخرج عن الفرض و يدخل في الفرض الأول أي العلم أو الاطمئنان بالابتلاء.
فالجواب الصحيح بناء على عدم حصول العلم والاطمئنان في هذه الأمور التي يكثر الابتلاء بها في أغلب الأوقات هو ما بينا من أن موضوع حكم العقل هو كونه معرضا للابتلاء كثيرا، وهذا المعنى لا يرتفع باستصحاب عدم الابتلاء وإن قلنا بجريان استصحاب العدم بالنسبة إلى الأمور المستقبلة إن كان لعدمها في المستقبل أثر في الحال أو هو بنفسه كان أثرا شرعيا، نعم لا بأس بجريان هذا الاستصحاب في
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»