منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١٨٧
مورد احتمال الابتلاء إذا لم يكن المحتمل من الأمور التي يكثر الابتلاء بها و (بعبارة أخرى) ليس المكلف في معرض الابتلاء بها وإن كان يحتمل أن يبتلي بها، فان موضوع حكم العقل هو احتمال الابتلاء وحكمه - حينئذ - يكون حكما إرشاديا إلى عدم الوقوع في مخالفة الواقع عند الابتلاء فإذا حكم الشارع بعدم الابتلاء بواسطة الاستصحاب لا يبقى مجال لذلك الحكم الارشادي أو الشرعي الطريقي، فعلى كلا المسلكين أي سواء قلنا بأن وجوب التعلم شرعي طريقي أو قلنا بأنه إرشادي عقلي حيث أنه في الفرض موضوعه احتمال الابتلاء فإذا جرى استصحاب العدم يرتفع موضوعه.
ولا يقاس المقام بباب التشريع لان موضوع حكم العقل هناك بالقبح هو الافتراء والقول بغير علم، ولا فرق في صدق ذلك بين العلم بالعدم أو الشك فيه أو قيام الظن غير المعتبر عليه ويصدق التشريع بمناط واحد على الاستناد بغير علم، سواء لم يكن واقعا من الدين أو كان وهو لا يعلم، وسواء كان عالما بالعدم أو كان شاكا أو كان ظانا بالعدم بظن معتبر أو غير معتبر أو كان ظانا بالوجود و لكن بظن غير معتبر، ففي جميع هذه الموارد يصدق التشريع والعقل يحكم بقبحه بذلك المناط الواحد وهو القول بغير علم وحجة، فاستصحاب العدم لا أثر له في هذا المقام لأنه ليس موضوع حكم العقل عدم كونه من الدين كما ربما يوهمه ظاهر عبارة من يعرفه بأنه إدخال ما ليس من الدين في الدين أو اسناد ما ليس منه إليه، ولذا يكون تعريفه الصحيح (أنه اسناد ما لم يثبت أنه من الدين بعلم أو علمي إلى الدين).
و (بعبارة أخرى) ليس للتشريع حكمان أحدهما حكم العقل على موضوعه الواقعي وهو عدم كونه من الدين واقعا والثاني حكم طريقي مجعول بلحاظ حفظ ذلك الحكم الواقعي وهو الاحتراز عن الاسناد في مورد الشك والظن غير المعتبر حتى يكون الاستصحاب رافعا لموضوع الحكم الطريقي، كما هو كذلك في باب أموال الناس، حيث أن للعقل حكمين حكما واقعيا وهو عدم جواز أكل مال الغير بدون طيب نفسه، وحكما طريقيا وهو الاجتناب عنه في صورة الاحتمال، ففي هذا القسم استصحاب عدم كونه مال الغير يرفع موضوع الحكم الطريقي، وما نحن فيه من قبيل الثاني
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»