الذي تقدم حتى يستوفي المصلحة في زمان إمكان تحصيلها، فهذا الجعل الاخر أيضا ناشئ عن تلك المصلحة وذلك الملاك، فليس من قبيل أطيعوا الله ورسوله لأنه إرشاد محض إلى الفرار عن العقاب و ليس ناشئا عن المصالح والمفاسد الموجودة في متعلق الاحكام و من جهة حفظها لأن المفروض ورود هذا الامر وما يشبهه بعد جعل الشارع وتشريعه ما يوجب حفظ المصالح الواقعية وبعد سد جميع أبواب عدم ماله المصلحة ووجود ماله المفسدة في عالم التشريع و من قبله.
(ان قلت): كان له الايكال إلى حكم العقل فيكون جعله لغوا وبلا فائدة (قلت): هذا الاشكال (أولا) متحد الورود في جميع موارد حكم العقل بوجود المصلحة الملزمة أو المفسدة الملزمة مثلا و (ثانيا) تبعية الإرادة لما لا يمكن تحصيل المناط بدونه قهرية، بمعنى أن الشئ الذي فيه المصلحة الملزمة يصير متعلقا للإرادة قهرا وكل ما يتوقف عليه وجود هذا الذي له المصلحة الملزمة تترشح عليه الإرادة من تلك الإرادة النفسية، وأما إذا لم يمكن الترشح لتقدم زمان وجوده على زمان وجود الإرادة النفسية فقهرا تتعلق به إرادة نفسية ناشئة عن نفس ذلك الملاك القائم بالواجب النفسي الذي لم توجد شرائط وجوبه بعد، فهذه الإرادة معنى متوسط بين الإرادة النفسية بالمعنى المعروف وبين الإرادة الغيرية الترشحية، لان الإرادة النفسية بالمعنى المعروف ما يكون عن ملاك في نفس المراد، وهذا ليس كذلك بل يكون عن ملاك في غيره، والإرادة الترشحية الغيرية تكون مترشحة من الغير، وهذا ليس كذلك لأنه ليس غير في البين قبل حصول شرائط وجوب الواجب النفسي.
إذا عرفت هذا الضابط والقاعدة تقدر على تطبيقها في جميع الموارد التي ذكرها الفقهاء وحكموا بلزوم إيجاد المقدمة المفوتة أو حفظها قبل زمان الواجب نذكر جملة منها:
(أحدها) - فتواهم بلزوم إبقاء الماء إذا كان وأمكن الابقاء أو تحصيله إذا لم يكن وأمكن تحصيله، كل ذلك قبل حصول شرائط وجوب الوضوء أو الغسل التي منها الزمان، فمن هذا الاتفاق نستكشف أن القدرة التي أخذت في الوضوء في