وعلى كل تقدير لا خفاء فيما هو المراد من الواجب النفسي والغيري فالامر في عدم اطراد هذه التعاريف أو عدم انعكاسها سهل وانما الكلام فيما إذا شك في واجب أنه نفسي أو غيري فما هو مقتضى الاطلاق لو كان في البين؟ ولو لم يكن فما هو مقتضى الأصول العملية؟
فهاهنا مقامان الأول في تعيين أنه ما هو مقتضى الاطلاق والثاني في بيان أنه ما هو مقتضى الأصول العملية.
(أما الأول) فمقتضى الاطلاق مطلقا - سواء كان إطلاق المادة في الغير أو إطلاق الهيئة في مشكوك الغيرية أو إطلاق كليهما - كون الواجب واجبا نفسيا، بيان ذلك أنه لا شك في أن وجود وجوب الواجب الغيري منوط بوجود وجوب ذلك الغير إناطة وجود كل معلول بوجود علته، فهو نظير الواجب المشروط من هذه الجهة، فإذا شككنا في أنه منوط أي غيري أو غير منوط أي نفسي، فالاطلاق يحكم بعدم الاناطة فينتج كونه نفسيا، و (بعبارة أخرى) كما ذكرنا مرارا الاطلاق يدفع كل ما يحتاج بيانه إلى مئونة زائدة بالنسبة إلى احتمال المقابل. ولا شك في أن الواجب الغيري يحتاج بيانه إلى مئونة زائدة بالنسبة إلى الواجب النفسي، وكذلك الكفائي بالنسبة إلى العيني والتخييري بالنسبة إلى التعييني، ولذلك قالوا ان إطلاق الواجب يقتضي أن يكون الواجب نفسيا عينيا تعينا هذا بالنسبة إلى إطلاق الهيئة في مشكوك الغيرية والنفسية.
وأما إطلاق المادة في جانب الواجب الذي يحتمل أن يكون هذا المشكوك الغيرية مقدمة له فيما إذا كان على تقدير كونه مقدمة شرطا شرعيا حتى يكون موجبا لتقييد ذي المقدمة به لا من قبيل المقدمات الوجودية العقلية حتى لا يكون موجبا لتقييده، فأيضا يدفع كونه واجبا غيريا فالاطلاق مطلقا سواء كان في هيئة مشكوك الغيرية أو في مادة ما هو محتمل أن يكون ذي المقدمة سواء كانا معا أو منفردا تثبت النفسية، وإثبات النفسية بإطلاق المادة في جانب ذلك الغير لهذا المشكوك الغيرية والنفسية ولو كان مثبتا لا بأس به لان الاطلاق من الامارات.