معرفتها مثلا كيف يمكن لمن لا يعرف أجزاء الصلاة وشرائطها و موانعها وكذلك في الحج بل في جميع العبادات والمعاملات أن يمتثل هذه الأحكام بدون العلم بها وبدون معرفتها، حتى أن الصبي لو لم يتعلم الاحكام قبل البلوغ يكون عاجزا عن أداء التكاليف حال أول البلوغ، ولذلك يحكم العقل بلزوم التعلم حتى على الصبي قبل البلوغ لئلا يفوته بعض التكاليف بواسطة العجز.
ولكن التحقيق هو أن المكلف الجاهل لو كان قادرا على الاحتياط و قلنا بصحة الاحتياط مع إمكان الامتثال التفصيلي فلا يوجب الجهل عجزه وإلا يكون سببا للعجز ويكون حال ترك التعلم حال سائر المقدمات المفوتة ويكون ملاك وجوبه عين ذلك الملاك.
(الطريق الثاني) - هو القول بأن الوجوب مشروط بالزمان المتأخر بنحو الشرط المتأخر فيكون الوجوب فعليا بواسطة وجود شرطه في الزمان المتأخر وهو الزمان المتأخر، وعليه أيضا يرتفع الاشكال من أصله لان مناط الاشكال هو وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها فإذا كان وجوب ذي المقدمة حاصلا من الأول فلا إشكال.
(الطريق الثالث) - هو القول بالواجب المعلق فالوجوب فعلي و الواجب استقبالي فلا يبقى إشكال وقد عرفت فساد الطرق الثلاثة.
(الطريق الرابع) - ما ذهب إليه الأردبيلي وتلميذاه صاحب المعالم و المدارك (قدس سرهم) من أن المقدمات المفوتة واجبة بالوجوب النفسي التهيئي بمعنى أن مصلحة وجوبها التهيؤ لامتثال الواجبات و الاحكام والظاهر أن ما أفادوه هو في خصوص التعلم قبل مجئ وقت امتثال الواجبات.
و (فيه) أن ملاك التهيؤ في كل مقدمة موجود فيجب ان يكون جميع المقدمات واجبا نفسيا تهيئيا مع أنه لا معنى للواجب النفسي الا ما يكون واجبا لنفسه لا ما يكون واجبا للوصول إلى واجب آخر، و (بعبارة أخرى) يكون مطلوبا لنفسه لما يترتب عليه من الملاك و المصلحة لا أن مطلوبيته تكون لأجل مطلوبية شئ آخر