الدليل مطلق القدرة، بناء على أن الوضوء مشروط بالقدرة الشرعية بقرينة المقابلة مع التيمم، وأن التفصيل قاطع للشركة، حيث أن التيمم مشروط بفقد الماء ولا فاصل بين الوضوء والتيمم بل تكليفه إما الوضوء وإما التيمم، فالوضوء أيضا يكون مشروطا شرعا بالقدرة على الماء وهي مطلق القدرة ولو كانت قبل حصول زمان وجوب الوضوء تحصيلا أو حفظا، لا خصوص القدرة في زمان وجوب الوضوء، وأما لو قلنا بأن القدرة المأخوذة فيه هي القدرة العقلية وليست مأخوذة في لسان الدليل فالامر أوضح.
(الثاني) - فتواهم بوجوب الغسل قبل الفجر للصوم الواجب غدا، و حيث أن الشارع اشترط في صحة الصوم دخول الصائم فيه متطهرا من الحدث الأكبر لو أمكن والقدرة المأخوذة في إيجاد هذا الشرط قدرة عقلية، فلو أمكن الغسل قبل الوقت يصدق عليه أنه قادر على الدخول فيه متطهرا فلو ترك الغسل قبل الفجر وصبر إلى مجئ زمان وجوب الصوم يفوت هذا الشرط، ولا يمكنه الدخول فيه متطهرا.
هذا مضافا إلى أن أمثال هذه التكاليف المشروطة بشرط شرعي أو عقلي ويكون ذلك الشرط بحيث لو لم يوجد قبل حصول وجوب الواجب لعدم مجئ زمانه أو لفقد سائر شرائط وجوبه لكان يفوت ذلك الواجب دائما أو غالبا، كمثالنا هذا حيث لو لم يغتسل قبل الفجر لا يمكنه الدخول في الصوم دائما، وهكذا في الحج لو لم يتحرك قبل وصول زمان الحج من بلده ولم يهيئ سائر أسباب الوصول إلى مكة المكرمة يفوته الحج غالبا، خصوصا بالنسبة إلى أهالي البلاد البعيدة، فنفس ذلك الدليل الدال على وجوب ذلك الواجب يدل على لزوم إتيان ذلك الشرط قبل حصول زمان الوجوب أو سائر شرائط الوجوب بدلالة الاقتضاء، وإلا يلزم أن يكون جعل الوجوب لغوا.
وعلى ما ذكرناه فقس سائر الموارد المذكورة في الكتب الفقهية.
هذا كله في غير التعلم وأما وجوب (التعلم) فقد فصلنا القول فيه سابقا وأدخلنا بعض موارده في المقدمات المفوتة، وذلك إما من جهة عدم الالتفات إلى لزوم الاحتياط