الضدين، ولا مانع من جعل الحكمين وتشريعهما بحيث يشمل الدليلان بعمومهما أو إطلاقهما لمورد الاجتماع، ولكن مع ذلك كله لا يخلو من مناقشة بل مناقشات.
(بيان ذلك أولا) - أن ما ذكره - من أن متعلق الأمر والنهي إذا كانا مبدأين وكان بينهما عموم من وجه وكانا من الأفعال الاختيارية، فلا بد وأن يكون التركيب بينهما في المجمع تركيبا انضماميا - يصح فيما إذا كان كل مبدأ من مقولة غير المقولة الأخرى. أو ولو كانا من مقولة واحدة يكون أحدهما من نوع أو صنف منها والاخر من نوع أو صنف آخر منها حتى يكون لهما وجودان، ولكن لو كان أحدهما أو كلاهما مفهوما انتزاعيا أمكن اتحادهما في الوجود مع كونهما مبدأين، كما هو - رحمه الله - اعترف بذلك في التوضي بالماء المغصوب، مع أن الامر متعلق بالتوضؤ وهو مبدأ والنهي متعلق بالغصب وهو أيضا مبدأ وكلاهما من الأفعال الاختيارية وبينهما عموم وخصوص من وجه. والسر في ذلك أن الغصب ليس من مقولة مستقلة بحيث يكون من إحدى المقولات، بل هو عبارة عن التصرف في مال الغير بدون اذن صاحبه أو رضاه (إن قلت) إن الغصب هو الاستيلاء بغير حق على مال الغير أو حقه أو غيرهما مما يتصور الاستيلاء بغير حق فيه (قلنا) المراد أن المنهي عنه الذي اجتمع مع المأمور به في المجمع هو ذلك المعنى سواء سمي غصبا أو لم يسم، وذلك المعنى ليس مقولة مستقلة خارجية، بل ينتزع من مقولات متعددة، ولذلك قد ينتزع من نفس ما هو مأمور به كما في المثال، فان إجراء الماء المغصوب على الوجه واليدين وضوء ومصداق حقيقي للتصرف في مال الغير الذي هو حرام، فاتحد متعلق الأمر والنهي مع أنهما من الأفعال الاختيارية ومن قبيل المبدأين الذين بينهما عموم من وجه.
و (ثانيا) - أنه على فرض تسليم كونهما من مقولتين مختلفتين، فلا يمكن أن يكون كل واحد منهما مشخصا للآخر أو من أمارات تشخصه، لان تشخص الشئ بعوارضه المشخصة - عند من يقول بذلك - انما يكون فيما إذا كانت العوارض من