(الثاني) - وهو الذي اعتمد عليه جمع من المحققين - أن متعلق الأوامر والنواهي هي الصور الذهنية، لان وجودها الخارجي ظرف سقوط التكليف لا ظرف ثبوته. ومعلوم أن في ظرف العروض وتعلق الاحكام بتلك الصور الذهنية لا يكون تعارض وتناف ولا اجتماع ضدين. نعم في مرحلة الامتثال والتطبيق يقع التزاحم إذا أراد أن يطبق الاثنين على المجمع.
(وفيه) ما ذكرناه - في المقدمة الأولى من مقدمات جواز الاجتماع على رأي شيخنا الأستاذ (قده) - من أن تعلق الأوامر والنواهي بالصور الذهنية وإن كان صحيحا، إلا أن تعلقهما بها ليس باعتبار وجوداتها الذهنية، بل بما هي حاكيات عن الخارج ومرآة لها وفانية فيها، وذلك من جهة أن الإرادة والكراهة تابعتان للمصالح والمفاسد.
ومعلوم أن الصور الذهنية - بما هي موجودات ذهنية - ليس فيها تلك المصالح والمفاسد، بل هي قائمة بوجوداتها الواقعية النفس الأمرية التي هي وجودات لها بالذات لا أن الوجود للنفس بالذات و يكون لها بالعرض وحيث أن الإرادة والكراهة من صفات النفس و الحالات الطارئة على الذهن، ولا يمكن أن يتعلقا ابتداء وأولا و بالذات بالموجود الخارجي، بل الموجود الخارجي كما ذكرنا يكون ظرف سقوطهما اما بالإطاعة أو بالعصيان لا ظرف ثبوتهما، فتجعل النفس تلك الصور الذهنية وسيلة لإرادة تلك الوجودات الخارجية، بحيث يسري الطلب إليها قبل تحققها في الخارج بمرآتية هذه الصور وحكايتها عنها قبل تحققها في الخارج حتى لا يلزم ذلك المحذور.
ولا يقال إن الوجود الخارجي ظرف السقوط لا الثبوت، فالخارج هو المطلوب بالذات بمعنى أن ملاك المطلوبية أي المصلحة فيه و الصورة الذهنية مطلوبة بالعرض، بمعنى أن تعلق الطلب بها لأجل كونها حاكية عن الخارج وفانية فيه. وأما ما قرع سمعك - من أن الصورة الذهنية هي التي مرادة ومطلوبة بالذات - فهو صحيح، ولكن بمعنى آخر وهو أن عروض الإرادة والطلب أولا وبالذات على تلك الصورة، وليست هناك واسطة في العروض بخلاف الخارج، فإنه مراد بالعرض أي بواسطة تلك الصورة