(منها) ان العبرة في القضية المعللة ملاحظة تلك العلة عموما وخصوصا فقد يعمم العلة وان كان المذكور في أصل القضية خاصا وقد تخصص وان كان المذكور عاما وقد تكون معممة من وجه ومخصصه من وجه كما في قولك كل الرمان لأنه حامض حيث انه يتعدى منه إلى كل حامض ويخصص الرمان بالحامض إذا تمهد هذا فنقول ان صدر الآية وان كان دالا حجية خبر العادل بالمفهوم الا ان التعليل يدل على وجوب التبين في كل خبر غير مفيد للعلم فتكون القضية بعد ملاحظة التعليل في قوة ان يقال ان جاءكم خبر لا يعلم صدقه وكذبه فتبينوا فيه لا يقال ان مقتضى التعليل حكم عام نظير ساير العمومات الدالة على عدم جواز العمل بغير العلم فلو فرض للآية مفهوم يجب ان يخصص العموم المستفاد من التعليل به كما يخصص به ساير العمومات لأنا نقول تقديم الخاص على العام انما يكون فيما لو دار الأمر بين طرح الدليل الخاص رأسا وبين طرح عموم العام ولا إشكال في ان الثاني متعين لأنه جمع بين الدليلين وليس ما نحن فيه من هذا القبيل لأن ما يترتب على أخذ عموم العلة ليس الا طرح المفهوم وهو بعض مدلول القضية كما ان ما يترتب على أخذ المفهوم ليس الا طرح العموم فالتعارض بين ظهور القضية الشرطية في المفهوم وظهور التعليل في العموم ولا شك ان التعليل أظهر في العموم من دلالة القضية على المفهوم فيكون التعليل لأظهريته قرينة صارفة عن انعقاد ظهور القضية في المفهوم نعم لو وقع التعارض بين مفهوم الآية وعام آخر يكون دلالته على العموم أضعف من دلالة القضية الشرطية في العلية المنحصرة يخصص ذلك العام بها كما هو الحال في معارضتها مع ساير العمومات الدالة على عدم جواز العمل بغير العلم والجواب عن الإشكال ان للتعليل لا يدل على عدم جواز الإقدام بغير العلم مطلقا بل يدل على عدم الجواز فيما إذا كان الإقدام في معرض حصول الندامة
(٣٨٥)