وإرادة ما لم يصر المولى بصدد إنفاذه بتهيئة مقدمات نفوذه، الذي منه الاعلام به بداعي تحريك العبد المسمى ذلك بالبعث، وبالاعلام المذكور يكون ذلك تكليفا يجب إطاعته، فالاعلام إعلام بمادة التكليف، وهو بنفسه محقق لصورته وموجب بصيرورة تلك المادة تكليفا فعليا، يجب إطاعته، فالتكليف الذي يتعلق به العلم ويتوقف عليه العلم، هو مادة التكليف، والذي يكون هو متوقفا على العلم هو صورته وفعليته الواجب امتثاله، فصح أن يقال: لا تكليف حقيقة مع عدم البعث والاعلام، وان اعلم وبعث آخرين، فان تكليف أحد لا يوجب بعث آخرين.
إن قلت: يلزم على ما ذكر من اختصاص الاحكام بالعالمين، التصويب الباطل بالاجماع.
قلت: مادة التكليف عام بالنسبة إلى العالم والجاهل، وإن كان بعثه الذي عليه يدور الإطاعة والامتثال خاصا، وهو كاف في دفع التصويب الباطل.
قوله: لا يقال: ليست المؤاخذة من الآثار الشرعية:
هذا الاشكال أشكله وأورده شيخ مشايخنا المرتضى (ره) على نفسه، حيث لما قدر المؤاخذة، وتبعه على ذلك حضرة الأستاذ المصنف (قده) مع أنه لم يذهب إلى عدم تقديره للمؤاخذة، بل جعل الموصول عبارة عن نفس الحكم، ونفس الحكم قابل للرفع ويرتفع المؤاخذة عقلا بارتفاع الحكم، فان حكم العقل بالبرأة عن العقاب موضوعه أعم من عدم الحكم واقعا وعدمه ظاهرا، ومع ذلك فتوجيهه للاشكال على نفسه عجيب، ثم الأعجب وقوعه في المخمصة في الجواب عنه، أعجب، مع وضوح جوابه وعدم الحاجة إلى ما أفاده على أنه فاسد في حد نفسه، فإنه يتجه عليه:
أولا: ان المقدر حينئذ يكون هو إيجاب الاحتياط، مع أن الكلام على فرض تقدير المؤاخذة.
وثانيا: ان العقاب منشؤه هو ثبوت التكليف فعلا، وفي حال الجهل، وثبوت التكليف يكون منشأ أيضا، لايجاب الاحتياط، تحفظا على التكليف المذكور،