نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ٨٩
لولاه كان من شأنه ذلك، فان كل ما هو حسن فهو من شأنه تعالى. وبذلك يندفع إشكال اختصاص الآية بالأمم السابقة، إذ هي حكاية عن معاملته تعالى معهم، مع أنه لا اشعار فيها بالاختصاص بهم، بل حذف المتعلق يفيد العموم.
نعم، غاية ما يستفاد من هذه الآية وغيرها، تقرير حكم العقل، إذ لا يعقل لنفي الاستحقاق معنى راجعا إلى غير باب العقل.
نعم، نفي فعلية العقاب يمكن أن يكون من المولى تفضلا.
قوله: ليس عنده بأعظم مما علم حكم:
مع أنه فيما علم حكمه قد ثبت العفو، كما في الظهار، ومع ذلك الاستحقاق ثابت حتى عند الخصم، فيعلم ان الملازمة بين نفي الفعلية و الاستحقاق غير مسلم عنده، كي يتمسك بالآية على إلزامه.
قوله: منها حديث الرفع:
ان الاستدلال بهذا الحديث على المطلوب يتوقف على أن يكون المراد بالموصول في (ما لا يعلمون)، هو الحكم دون الموضوع، بإرادة عدم معلومية عنوانه، كاللحم الذي لا يعلم أنه لحم غنم، ليكون حلالا، أو لحم خنزير ليكون حراما، وإلا كان دليلا على البراءة في الشبهات الموضوعية، فيخرج عن محل البحث، لكن إرادة الحكم من الموصول خلاف ظاهر سياق باقي الفقرات، فان المتعين فيها إرادة الموضوع.
لا يقال: إرادة الموضوع من الموصول يستلزم التقدير في الكلام. لان الموضوع غير قابل للرفع، فلا بد من تقدير المؤاخذة أو تمام الآثار أو الأثر الظاهر، وحيث إن التقدير خلاف الأصل يقتصر فيه على مورد الضرورة، وهو سائر الفقرات، واما هذه الفقرة فتحمل على ما لا يستلزم التقدير، وهو الحكم، فإنه بنفسه قابل للرفع، فإنه يقال: نمنع الحاجة إلى التقدير على تقدير إرادة الموضوع أيضا، فان رفع الفعل ووضعه يكون بالتكليف به، ورفع التكليف عنه، ويكون التكليف من قبيل الواسطة في العروض.
والسر فيه: ان الفعل يثقل على النفس بتعلق التكليف به، فكأنه موضوع على الشخص كوضع الحمل الثقيل عليه، كما أنه يخف برفع التكليف عنه، فكأنه مرفوع عنه برفع ثقله عنه، كرفع الحمل الثقيل، ولذا يطلق لفظي الرفع والوضع في
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 85 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»