نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ٧١
فلا يتم الاستدلال إلا بعد ضم ما ذكرناه، من إطلاق الآية لمورد عدم إمكان الاحتياط لاحتمال حكمين إلزاميين، فإنه لا يمكن ذلك الفرار حينئذ، فإن كان العمل بقول العادل مع ذلك محبوبا كان ذلك لحجيته، بل يمكن أن يقال: إن مادة الحذر إن أطلقت على الفرار عن المفاسد أو ترك المصالح، فإنها لا تطلق إلا على الفرار عن أحد الملزمتين منهما دون غيرها، ومن المعلوم أنه لا إلزام في المفاسد و المصالح الموجودة في مورد اخبار العدل، إذا لم يكن اخباره حجة.
قوله: ثانيها: انه لما وجب الانذار لكونه غاية للنفر الواجب:
لا يخفى عدم توقف هذا الوجه من الاستدلال على وجوب الانذار، بل لو كان الانذار راجحا أيضا كفى في الاستدلال على وجوب القبول للزوم اللغوية لولاه، وهذا الوجه يحتاج إلى ضم ما تقدم في ذيل الوجه الأول، من عدم معقولية محبوبية الحذر ورجحانه من غير وجوب وإلا كفى ذلك في خروج الامر بالانذار عن اللغوية، ولم يمكن إثبات وجوب الحذر ببرهان اللغوية.
قوله: ثالثها: انه جعل غاية للانذار الواجب:
الأولى في تقرير هذا الوجه أن يقال: إن كلمة لولا تدل على وجوب مدخولها، وهو النفر، فإذا وجب النفر وجب جميع غاياته ما كان بلا واسطة، كالتفقه والانذار، أو ما كان مع الواسطة، كالحذر، وذلك لان غاية الواجب لا بد أن تكون مما لا يرضى الامر بعدمها، ولازمه أن تكون واجبة إذا كانت من الأفعال الاختيارية.
وفيه: ان المراد من غاية الواجب إن كان هو الفعل الاختياري الذي ترشح وجوب ذي الغاية من وجوبه، فيكون وجوب ذي الغاية ناشئا من وجوبه، فلا إشكال في أنه لو ثبت وجوب ذي الغاية بهذا الوجوب الغيري كان ذلك كاشفا عن وجوب الغاية، لكن المقام بمعزل عن ذلك، فان وجوب النفر والتفقه والانذار لا يكاد يترشح من وجوب الحذر على القوم لعدم وجوب فعل على أحد، وجب بوجوب غايته على آخر، وإن كان المراد من غاية الواجب الحكم والمصالح المترتبة عليه، فهذا مما لا يجب بوجوب الواجب، بل يتحقق بتحققه البتة، إن كان
(٧١)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الوجوب (11)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»