قوله: وتقريب الاستدلال بها: ان حرمة الكتمان يستلزم القبول:
حرمة الكتمان انما كان يستلزم القبول إذا كان مستلزما لوجوب الاظهار، وهو ممنوع، فان الظاهر ثبوت الواسطة بين الكتمان و الاظهار وليس الكتمان عبارة عن مجرد عدم الاظهار، بل عبارة عن الستر والاخفاء، لما من شأنه الظهور لولا الستر، كما في آية كتمان الحمل، فيكون مفاد الآية لعن من يكتم ويستر الهدى والبينات ويمنعها عن الظهور، وذلك بمعزل عن المطلوب.
نعم، يستعمل مادة الكتمان في التعمد بعدم إظهار ما ينبغي إظهاره، كما في آية كتمان الشهادة، فلو كان الكتمان في هذه الآية بذاك المعنى صح التمسك بها للمقام. ولعل الاستثناء في الآية الثانية بقوله عز من قائل: (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا) يشهد على ذلك، إلا أن يقال: إن الارتداع عن الكتمان بعد تحققه انما يكون بالبيان، وإلا بقي الامر مكتوما، فاستمر بذلك العصيان.
قوله: ولا يخفى انه لو سلمت هذه الملازمة:
لا يخفى: ان الملازمة تتبع الاطلاق، وشمول الآية إذا لم يكن إظهار البينات والهدى مفيدا للعلم لا بنفسه ولا بانضمام إظهار من يفيد انضمام إظهاره للعلم، فإنه لو كان الاظهار حينئذ واجبا لاقتضى وجوبه جواز القبول، وإلا لزم اللغوية، فلو لم يكن للآية إطلاق يشمل هذه الصورة، وكان ظاهرها أو متيقنها صورة إفادة العلم لم تتم الملازمة. ومنه يظهر ما في كلام المصنف، من أنه لا مجال لمنع الاطلاق مع تسليم الملازمة، فان الامر على العكس:
لا مجال لمنع الملازمة مع تسليم الاطلاق.
قوله: لا مجال للايراد على هذه الآية:
لعل عدم المجال من جهة إفادة الموصول للعموم في صلته، فيكون العموم وضعيا.
قوله: لتحصيل العلم لا للتعبد بالجواب:
نعم، الظاهر أن هذه الآية وبقيتها ليست بصدد بيان الحكم الشرعي وإعطاء التعبد، بل وكذا آية النبأ، ولكنها تدل بإطلاقها على كون الجواب معمولا به بالطبع، ولو لم يفد، فتكشف عن العلم ثبوت بناء من العقلا على العمل وتكون الآيات تقريرا له.