أيضا إيماء إلى ذلك، فان تخصيص الامر بالتبين بخبر الفاسق ثم الإشارة إلى علته، بأنه الإصابة بجهالة، يشير إلى اختصاص هذا الخبر بها وعدم وجودها في خبر العادل.
واما حمل الجهالة على السفاهة فيأباه ذيل الآية، أعني قوله: (فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، فان مقتضاه كون خوف الندم وعدم الامن هو السبب لترك العمل، وهو يناسب أن تكون الجهالة، بمعنى عدم العلم، وإلا فالجهالة بمعنى السفاهة بنفسه باطل ولا يعلل بخوف الندم.
ثم إنه لو سلمنا عموم التعليل وشموله لخبر العادل لم يكن ريب في أنه أقوى دلالة من المفهوم، فيمنع أن ينعقد للقضية ظهور في المفهوم، فيستدل حينئذ بالآية على عدم حجية خبر الواحد، ولو فرض التكافؤ حصل الاجمال فلم يستدل بالآية على شئ من المذهبين.
قوله: ربما أشكل شمول مثلها للروايات الحاكية لقول الإمام عليه السلام : قد ذكر هاهنا إشكالان متعاكسان، أحدهما شمول دليل اعتبار الخبر للخبر مع الواسطة، أعني للخبر الحاكي عن الخبر، والاخر شموله للخبر المحكي بالخبر، ومناط الاشكالين متعدد.
فمناط الأول هو: ان دليل صدق لا يتوجه إلى مورد خلي عن الأثر لعدم معقولية التصديق واللا تصديق. فيه، فكل مورد كان محكي الخبر مما يشتمل على الحكم بحيث لو كان المخبر له عالما بالمحكي بلا واسطة الحاكي لتوجه إليه الحكم، توجه هناك دليل صدق، وكان معنى توجهه انشاء ما يماثل المحكي من الحكم، وكل مورد لا يكون كذلك للتوجه دليل صدق، فإذا فرضنا ان خطاب صدق انحصر في خطاب واحد لم يعقل أن يشمل إلا الخبر الحاكي عن الامام بلا واسطة، لأنه المشتمل على الأثر بلا لحاظ نفس صدق، واما شموله للخبر الحاكي عن الحاكي فذاك يتوقف على شمول صدق ابتدأ للحاكي الأول ليكون بشموله له ذو أثر، فيشمل بلحاظه للحاكي الثاني، وذلك مستحيل، لاستلزامه اتحاد الحكم والموضوع،