نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ٣١
قوله: واما النقلي: فإلزام الشارع به:
إلزام الشارع بالاحتياط ليس إلزاما نفسيا في عرض الواقع، بل ناشئ من فعلية التكليف في ظرف الجهل، وعدم رفع اليد عنه بسببه. و في الحقيقة يكون إلزامه إرشادا إلى حكم العقل وتنبيها على أن الحكم بمثابة لا يعذر فيه بالجهل، ويكون منجزا بحكم العقل بمجرد الاحتمال، فيكون المنجز هو الاحتمال، كما في موارد الدماء والفروج، كما أن المنجز هو العلم التفصيلي تارة، والاجمالي أخرى فتأثير كل من العلم التفصيلي والاجمالي والاحتمال في تنجيز التكليف في عرض واحد عقلي ليس بجعل الشارع، بل قد عرفت: ان التنجيز و الحجية لا يعقل أن يكون بالجعل، بل لا بد أن يكون ذاتيا وبحكم العقل.
قوله: فإنه لا يكاد يصح تنزيل جز الموضوع:
لا يخفى أن الاحكام لم تجعل ابتدأ بالانشاءات اللفظية بل هي مجعولة في الواقع مرسومة في اللوح المحفوظ، وهذه الانشاءات الصادرة بالخطابات قوالب لتلك الواقعيات، فإذا جعل مؤدى الاستصحاب أو سائر الأصول، وكذلك مؤدى الامارات، حكما ظاهريا في حق المكلف في اللوح المحفوظ، وقلنا: بأن ذلك يستلزم ويستتبع جعلا آخر في ذلك المقام متعلقا بالقطع بذلك الحكم الظاهري، وانه كالقطع بالحكم الواقعي، فيما يترتب عليه من الاحكام، ثم علمنا: بدليل التنزيل بذلك الحكم الأول، علمنا:
بالدلالة الالتزامية الثابتة لهذا الدليل بهذا الحكم الثاني.
نعم، مصداق متعلق الحكم الثاني يتحقق بعد ورود الخطاب بالحكم الأول، إذ به يعلم الحكم الظاهري المجعول موضوعا للحكم الثاني و هذا مما لا بأس به ولا محذور يترتب عليه على فرض تسليم الملازمة بين الجعلين، إلا أن الملازمة ممنوعة، فإنه يمكن التفكيك بين التنزيلين، فينزل مؤدى الامارات والأصول منزلة الحكم الواقعي ولا ينزل القطع به منزلة القطع بالحكم الواقعي.
وقد عرفت: ان تنزيل زيد منزلة الأسد لا يستلزم تنزيل أبيه منزلة أبي الأسد وهكذا، ليكون أقارب زيد كلهم أسود بهذا التنزيل.
وبالجملة: لا مانع من جعل الحكم الظاهري وجعل القطع بالحكم الظاهري
(٣١)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (2)، الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»