والحاصل: ان ما يكون حجة بالذات لا يخرج عن الحجية، وما ليس حجة بالذات لا يدخل في الحجية، فجعل الحجية باطل، كرفعها.
قوله: واما الأصول فلا معنى لقيامها مقامه:
إن أراد قصور أدلة الأصول عن إفادة القيام مقام الواقع، وإن لسانها جعل الوظيفة عند عدم تيسر العلم بالواقع.
ففيه: ان جريان هذا البحث لا يتوقف على كون أدلة الاعتبار بلسان التنزيل منزلة الواقع، ولذا يجري هذا البحث في الاستصحاب - باعتراف المصنف (قده) - مع اشتراك دليله مع أدلة سائر الأصول، في عدم كونه بلسان التنزيل، بل بلسان عدم نقض اليقين. فيعلم: ان مناط هذا البحث وملاكه ما يعم ذلك، وهو أخذ اليقين أو الظن في لسان الدليل.
وان أراد: عدم معقولية التنزيل مقام الواقع في جعل الأصول، لعدم نظرها إلى الواقع وحكايتها عنه، كما هو قضية التعبير بقوله: فلا معنى لقيامها مقامه.
ففيه: ان التنزيل ومعقوليته لا يختص بباب الامارات، وهل الطواف أمارة، حتى صح أن يقال: الطواف بالبيت صلاة؟ فكما صح أن يقال:
الظن كالعلم بقصد تنزيل المؤدى، أو بإرادة تتميم الكشف، صح أن يقال: ما لم تعلم حرمته كما علمت حليته بقصد جعل الحل، أو بإرادة جعل أحكام العلم بالحل، طابق النعل بالنعل. ثم إن العبارة، ظاهرها: انه لا معنى لقيام الأصول مقام الواقع، كما لا معنى لقيامها مقام القطع، فتمتاز الأصول عن الامارات في عدم القيام مقام الواقع، حيث أن الامارات كانت تقوم مقام الواقع، وانما لم تكن تقوم مقام القطع فقط.
هذا، ولكن مقتضى تعليله بقوله: لوضوح أن المراد... إلخ، هو عدم القيام مقام القطع.
وذلك لوضوح: ان التنجيز من أحكام القطع وخواصه لا من أحكام الواقع.
لكن المصنف (قده) حكم في الامارات بالتنجيز مع حكمه بأن مفاد أدلة اعتبارها هو تنزيل المؤدى منزلة الواقع لا تنزيل نفسها منزلة القطع. ولم أدر، كيف جمع بين الامرين