بالحكم الواقعي من إجزاء الأصول في الأطراف؟ ولعمري ان ذلك، أعني عدم لزوم المخالفة الالتزامية بإجراء الأصول في الأطراف، واضح لا سترة عليه. ولا أدري كيف خفي على هؤلاء الفحول فأتعبوا أنفسهم في منع بطلان اللازم بإنكار وجوب الالتزام رأسا، أو الاعتراف به، وإنكار لزوم الالتزام بالأحكام تفصيلا، وانه يلتزم بما هو الثابت في الواقع، وإن لم يعلم بتفصيله، وهو يجتمع مع إجراء الأصول، ودعوى سقوطه بعد الاعتراف بثبوته، بعدم القدرة عليه عند الاشتباه وعدم المعرفة به، والمفروض عدم الظفر به بعد الفحص عنه، فان الالتزام بالواقع تفصيلا غير مقدور، والالتزام بأحد الاحتمالين تخييرا، فرارا عن لزوم المخالفة القطعية لخطاب التزم مستلزم للوقوع في محذور احتمال التشريع، أو دعوى ان الالتزام يجب بحكم العقل فيما لا يشمله عموم أدلة الأصول دون ما يشمله.
وأنت خبير: بأن كل ذلك مستغنى عنه، وان الالتزام بالحكم الواقعي تفصيلا على تقدير التمكن منه، أو الالتزام بأحد المحتملين من الوجوب والحرمة، فيما إذا تردد الامر بينهما، يجتمع مع إجراء الأصول في كل من الاحتمالين، كالحكم بالإباحة في المردد بين الوجوب والحرمة.
قوله: تجب، ولو فيما لا يجب عليه الموافقة:
إذا لم تحرم الموافقة القطعية، لعدم التمكن من تركها، بل وكذا الموافقة القطعية. كان معنى ذلك سقوط التكليف بالتعذر، ومع ذلك لا يبقى شئ يلتزم به، إلا أن يقال: بوجوب الالتزام بالتكاليف الواقعية، وإن لم تبلغ مرتبة الفعلية.
قوله: لما كانت موافقته القطعية الالتزامية حينئذ ممكنة:
وذلك لغرض الفحص واليأس عن الظفر بالتكليف، ووصول النوبة إلى إجراء البراءة. ويمكن أن يقال: إن التمكن العقلي من موافقة التكليف لا يرتفع بمجرد اليأس عن الظفر بالدليل الموجب لجريان الأصل، فلأجل امتثال وجوب الالتزام يجب الفحص حتى يحصل القطع بعدم التكليف، ولا يقتصر على الفحص المعتبر في البراءة.