لم يكن ضروريا فلا أقل من غموض المسألة، وكونها محتاجة إلى النظر والتأمل.
قوله: لا يقصده إلا بما أنه قطع انه عليه:
إذا علم والتفت إلى انطباق عنوان قبيح على فعله، كفى ذلك في تحقق اختيار القبيح، وان لم يقصده بما انه قبيح. ودعوى الذهول عن الانطباق المذكور، وهي الدعوى الآتية قد عرفت فسادها، بل قد عرفت ان اعتقاد انطباق عنوان قبيح خطأ، يكفي في التقبيح بالعنوان الواقعي القبيح.
عدم استحقاق العقوبة على مخالفة القطع قوله: إن قلت: إذا لم يكن الفعل كذلك:
لم أعرف موقعا لهذا الاشكال بعد التصريحات السابقة: بأن العقاب ليس على الفعل بل على القصد، كما أجاب به عن الاشكال. والظاهر أن المصنف (قده) أراد بذكره ذلك التمهيد للاشكال الآتي، وفيه ما لا يخفى. ولقد كان حق الاشكال الآتي هو التقديم، وذكره عند ذكر العقاب على القصد، وقد خلط المصنف (قده) بين مسألة التجري ومسألة ما يكون عليه العقاب في المعاصي، فتارة تتكلم في هذه و أخرى في تلك.
والحق: ان القصد بنفسه لا يترتب عليه العقاب في أحكام العقلا، بل العقاب على فعلية مخالفة التكليف لا على مجرد قصد المخالفة، بحيث لو دل دليل على ترتب العقاب على القصد، كشف ذلك عن تعلق النهي بالقصد، وكون القصد بنفسه مخالفة عملية للتكليف، كيف، ولو كان القصد بنفسه موجبا لاستحقاق العقاب، لزم أن يستحق من قصد مخالفة التكليف، العقاب، وان عدل عن قصده وأطاع، أو لم يتمكن من المخالفة، مع وضوح بطلانه.
ودعوى: ان الندم يسد مسد العقاب، مدفوعة: بأنا نفرض عدم حصول الندم عما مضى ليكون توبة، بل كان مجرد عدول عن القصد فيما سيأتي، أو كان مجرد عدم الفعل، ولو بلا اختيار ثم إن إشكال عدم اختيارية القصد يسري إلى الفعل، فلو لم يكن القصد اختياريا يصح العقاب عليه، ولم يكن الفعل - أيضا - اختياريا،