نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ٣٥
الكلام النفسي الذي أثبته الأشاعرة. ثم إن تعرض المصنف (قده) لهذا البحث هنا انما هو لبيان جريان الأصول في أطراف العلم الاجمالي مع عدم ترتب مخالفة عملية عليها. وهذا البحث يختص بمن يرى عموم أدلة الأصول للاطراف، فيبحث حينئذ عن منع المخالفة الالتزامية عنه، كمنع المخالفة العملية عنه، واما من يرى عدم العموم، ففي فسحة عن هذا البحث لهذا الغرض، وأيضا انما يحتاج إلى هذا البحث إذا صدقت الشرطية، أعني كان من أثر إجراء الأصول في الأطراف، إلغاء العلم الاجمالي في الالتزام، وهو عندي محل نظر، وتحقيقه يظهر من بيان ما يجب الالتزام به من التكاليف.
فنقول: متعلق وجوب الالتزام اما أن يكون هي التكاليف الفعلية المنجزة، كما يظهر من جعله عدلا للموافقة العملية، أو الأعم منها ومن التكاليف غير المنجزة، بل والواقعية غير الفعلية. غاية الأمر: التزام كل على ما هو عليه من الشأن والمنزلة، فيلتزم في التكليف الفعلي المنجز بتكليف فعلي منجز، وفي التكليف غير المنجز بتكليف غير منجز، وفي التكليف غير الفعلي بتكليف غير فعلي. وعلى كل تقدير لا نعقل أن يلزم من إجزاء الأصول مخالفة التزامية أو ترك موافقة عملية.
اما على الأول فواضح، إذ بعد جريان دليل الحكم الظاهري لتعيين حكم العمل، وحكمه بإباحة الفعل المردد بين الوجوب والحرمة، لا يبقى إلزام منجز ليلتزم به، فيكون الالتزام دائما في مرتبة متأخرة عن تنجز الحكم، فلا يعقل أن يكون وجوبه مزاحما لما يكون رافعا للتنجز أو للفعلية.
واما على الثاني: فلان الحكمين لعمل واحد، إن أمكن اجتماعهما خارجا، مع قطع النظر عن لزوم مخالفة التزامية، بأن يكون أحدهما واقعيا والاخر ظاهريا، أو يكون أحدهما اختياريا والاخر اضطراريا، لم يكن هناك ما يتصور أن يكون مانعا من التزامه، فتجري الأصول لاثبات حكم ظاهري، ومع ذلك يكون الحكم الواقعي محفوظا في مرتبته، ويلتزم المكلف بهما معا، فأين لزوم ترك الالتزام
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»