فلا أقل من كونه صفة حقيقية قائمة بها، وبالقيد الثاني أخرج سائر الصفات الحقيقية، التي لا إضافة لها إلى شئ، كالشجاعة والجبن و الكرم والبخل، ولكن لا يخفى ان إضافة العلم إلى الخارج، وبعبارة أخرى إضافة المعلوم بالذات إلى المعلوم بالعرض، ليست إلا بمعنى التطابق بين الامرين، وكون ما في النفس عالما عقليا مضاهيا للعالم الحسي، وإلا فأي نسبة وإضافة منقولية بين الصور المجردة العقلية، والصور المادية الخارجية؟.
قوله: ثم لا ريب في قيام الطرق والامارات:
هذا البحث راجع إلى مقام الاثبات، وإن أدلة التنزيل ناهضة بتنزيل الامارات منزلة القطع بأقسامه، أو غير ناهضة إلا بتنزيلها منزلة القطع الطريقي، وخصوص القطع المأخوذ في الموضوع على نحو الكشف، أو غير ناهضة إلا بالتنزيل منزلة القطع الطريقي فقط، وإلا ففي مقام الثبوت لا إشكال في إمكان قيام الامارات مقام القطع بأقسامه، وفي إمكان التعبير عن ذلك بعبارة واحدة جامعة.
فالنزاع في أن مثل تنزيل الظن منزلة القطع ونحوها من العبارات المشتملة عليها أدلة الاعتبار، وافية بمجموع التنزيلات الثلاثة، أو غير وافية إلا بتنزيل واحد، بل لا يمكن شمولهما لأزيد من تنزيل واحد حسب زعم المصنف (قده)، أو بتنزيلين، أعني بهما تنزيل الظن منزلة القطع الطريقي وتنزيله منزلة القطع المأخوذ في الموضوع على جهة الكشف، كما ذهب إليه شيخنا المرتضى (قده).
والحق: ان أدلة الاعتبار غير ناظرة إلى تنزيل الظن منزلة القطع المأخوذ في الموضوع رأسا، بل مفادها ليس إلا جعل المؤدى، كما هو صريح قوله عليه السلام:
(ما يقوله عني فعني يقول) فلا حاجة بعد ذلك إلى البحث عن إمكان إرادتهما جميعا من هذه العبارة.
نعم: هاهنا أمر آخر، وهو انه هل يغني تنزيل الظن منزلة القطع الطريق عن تنزيله منزلة القطع الموضوعي مستقلا، لأنه يستفاد تنزيله منه بالالتزام، أو يغني تنزيل الظن منزلة القطع الموضوعي عن تنزيله منزلة القطع الطريقي، عكس ما قلناه