قوله: بحسب الدلالة ومقام الاثبات:
الدلالة والكشف ليس شئ يعقل فيه التنافي واللا تنافي، فان اتصف بالتنافي أو اللا تنافي، فبحسب التنافي واللا تنافي، الثابتين في المدلول، فصح أن يقال: إن التعارض تنافي الدليلين أو الأدلة، بحسب المدلول، وليس يعقل أن يكون المدلولان متنافيين، ومع ذلك لا يكون تناف في الدلالة، كما زعمه المصنف، في مورد الحكومة وموارد الجمع الدلالي، وكان ذلك نشأ من خيال: ان كيفية الكشف يختلف، فعن أمرين متنافيين واقعا، يمكن الكشف على نحو لا يكون بين الكشفين تناف، ويمكن الكشف على نحو يكون بين الكشفين تناف. وأنت خبير: بأن كل كشف عن المتنافيين متناف، وجمع العرف برفع اليد عن أحد الكشفين بأقوائية الاخر لا يرفع المنافاة من البين.
واما الحكومة: فالحق، انه ليس لها عنوان مستقل، بل هي من أقسام التعارض الذي هو تنافي الدليلين بحسب مدلولهما، والتقديم فيها بملاك الاقوائية والأظهرية، وإن كان الحاكم لسانه لسان التفسير، وبعبارة (أعني: وأي) فان المحكوم بظهوره كشف عن إرادة معنى، وهذا الحاكم كشف عن إرادة خلاف ذلك المعنى وهل ذلك إلا المعارضة وتنافي الدليلين بمدلوليهما؟ وهل يعقل لتقديم دليل الحاكم وجه إلا قوة كشفه عن إرادة الخلاف، فتحصل عن كشف نفسه عن إرادة الوفاق.
كل ما كان المدلولان متنافيين كان الدليلان متنافيين وتنعكس هذه القضية كنفسها كليا، يعني كل ما لا يكون الدليلان متنافيين لا يكون مدلولهما متنافيين، وأيضا كل جمع بين دليلين فهو بملاك أقوائية الظهور من غير فرق بين ما يسمى حاكما وغيره، فما يسمى حاكما، شعبة من شعب مطلق المعارض، والتسمية مجرد اصطلاح لا أثر مترتب عليه.
قوله: أو عرضا، بأن علم بكذب أحدهما:
التناقض والتضاد لا يكون بالعرض، بل الدلالة على إثبات المتناقضين الحقيقيين، تكون بالعرض، مثلا: التعارض بين دليل يجب صلاة الجمعة مع دليل يجب صلاة الظهر، يكون بالعرض، ومعنى ذلك ان دلالة أحد الدليلين على نفي ما يثبته الاخر، تكون بالالتزام الناشئ من العلم