الحاصل لأحدهما بقرينة الاخر، حسب ما هو قضية الجمع العرفي، لا انه يقتضي الاخذ بالظهور الأولي لهما، ثم لما لم يمكن ذلك يرفع اليد عن ظهور أحدهما بقرينة الاخر، ليتجه عليه عدم المعقولية، ولذا في نفس أصالة الظهور أيضا الامر على هذا المنوال، لا تكون أصالة الظهور عند التعارض إلا مع الأقوى ظهورا لا أنه يكون الأصل في الجانبين، ثم يرفع اليد من أحدهما عملا بالآخر، فإنه غلط فاحش، محجوج بأن ذلك انما يصح إذا كان مفاد صدق تصديق أحد الخبرين المتعارضين، منضما إلى الاخر، وعلى صفة الاجتماع، فان قضية هذا التصديق الاخذ بالظهور الثانوي أو الاعتبار الثانوي الحاصل من الانضمام.
وقد عرفت: ان مؤدى صدق التعبد بصدور كل خبر خبر لا بكل خبرين خبرين أو ثلاثة ثلاثة، والفرض عدم إمكان الاخذ في صورة التعارض بما هو قضية كل خبر خبر من الخبرين المتعارضين، لعدم إمكان الاخذ بظهورهما. فدليل (صدق) بمنزلة أصالة الظهور الموجودة في كل منهما، مع قطع النظر عن الاخر ومحيية لها، والمفروض عدم إمكان حياتهما جميعا في صورة التعارض، كان هناك جمع دلالي وأصل ثانوي، بملاحظة انضمامهما، أو لم يكن إلا أن يكون على صفة الانضمام مشمولا لصدق أيضا، فيكون مصاديقه هذا وحده وذاك وحده، وكلاهما منضما، فإذا رفعنا اليد عن شموله للأولين لمانع التعارض بقي شموله للثالث على حاله، لكن الواقع خلافه بل يلزم التكرر في شمولات العام، ويكون كل فرد داخلا تحت العام ومشمولا له دفعات لا تحصى، بانفراده دفعة وبانضمامه انضماما ثنائيا وثلاثيا ورباعيا وهكذا، وأيضا باختلاف منضماته في كل عقد من العقود الثنائية والثلاثية.
نعم، فيما لا يلزم من شمول صدق لكل من المتعارضين، قصر في اقتضاء صدق في أحدهما بوجه. وبعبارة أخرى: لم يلزم التصرف في ظاهر أحد المتعارضين والتنزل من ظاهره الأولي إلى غيره، لم يكن مانع من شمول صدق لكليهما، وإن لزم من شموله لهما، قصر أحدهما أو كلاهما، مصداقا، وخروج بعض مصاديقه