نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٢
الأصول، الذي هو الشك، إخراجا تعبديا حكميا.
ويمكن تقريب الورود بوجه آخر لطيف، وهو: ان الشك شكان: شك في صدور الروايات، بالأعم مما كان حاكيا عن حكم أولي واقعي، ومما كان حاكيا عن حكم الشك، وشك آخر تعلق بالحكم الواقعي، وقد أخذ موضوعا للأصول في الاخبار التي دلت على حكم الأصول، فإذا جاء دليل (صدق) سد مسد الشك الأول، الذي هو الشك في الصدور. ففي عرض الحكم بصدور أدلة الأصول قد حكم بصدور سائر الأخبار ، فصارت تمام الاخبار كالمسموع من الامام دفعة واحدة. ومن المعلوم: انا لو كنا قد سمعنا هذه الأخبار جميعا من الامام لم نكن نرتاب في عدم الموضوع للأصل في مورد سمعنا منه حكما واقعيا، وإن كان شكنا بالنسبة إلى الواقع باقيا، لعدم صراحة كلامه، بل كانت دلالته بالظهور أو احتمل أن لا يكون صدر لبيان الواقع، وذلك لان المراد من الشك في موضوع الأصل شك لم يكن في مورده لفظ حال عن الواقع متبع ظهوره عند العقلا.
وبالجملة: الشك الموجود في مورد سائر الأخبار إن كان هو الشك في الصدور، ومن أجله يقال: إن هذه الموارد مشمول لأدلة الأصول، كما هي مشمولة لدليل (صدق)، فلا ريب ان الشك الكذائي موجود في نفس الأخبار الدالة على حكم الأصول، فنفس صدور اخبارها يلزم أن يكون مورد متونها، وذلك للشك في كون حكم الشك ذاك الذي إفادته لاحتمال الكذب والخطأ في الحكاية، وذلك باطل بالقطع. و إن كان هو الشك في الواقع من أجل كون الدلالة فيها بالظهور، أو جهة الصدور فيها محتملة ان لا تكون بيان الواقع، ومن باب بناء العقلا، قد حكم انه لغرض بيان الواقع، فهذا لو لم يجر مثله في أدلة الأصول، لكون دلالتها بالنصوصية وجهتها قطعية، لا يوجب صدق موضوع الأصول، لوضوح ان موضوع الأصول شك لم يكن في مورده بيان للواقع، ولو بالألفاظ والظواهر.
نعم، فيما إذا كانت أدلة الأصول قطعي السند، ولم يكن اعتبارها بدليل (صدق) لم يجر ما ذكرناه من التقرير.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»