نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٨
قوله: واما لو كان المقتضى للحجية:
اعلم: انه مع حدوث المصلحة في كل من المتعارضين، وعدم منع العلم بكذب أحدهما إجمالا، عن شمول دليل الحجية شرعا، كما أنه غير مانع عقلا، بل العلم بالكذب التفصيلي أيضا غير مانع عقلا، لا تخلو الحال، اما أن لا يكون بين المتعارضين تضاد أو لا تناقض، بل كان مجرد العلم بكذب أحدهما. واما أن يكون بينهما تضاد أو تناقض.
لا إشكال على الأول، وإن كلا منهما يؤثر في حدوث المصلحة في مؤداه، فيؤخذ بكليهما جميعا. فلو أخبر أحد العدلين بوجوب صلاة الجمعة، وأخبر الاخر بوجوب صلاة الظهر، أخذ بكلا الخبرين، ويحكم بوجوبهما جميعا، بعنوان ما أخبر به العادل، وإن علم بعدم الوجوب كذلك، بالعنوان الواقعي.
واما على الثاني: فاما أن يكون الخبران في حكم موضوع واحد، كأن أخبر أحدهما بوجوب فعل، وأخبر الاخر بحرمته أو كراهته أو استحبابه أو إباحته، واما أن يكون في حكم موضوعين متضادين، كأن أخبر أحدهما بوجوب أحد الضدين، وأخبر الاخر بوجوب الاخر أو استحبابه أو كراهته أو إباحته.
وبالجملة: إذا دل الدليلان على فعلية حكمين في موضوع واحد لا يمكن فعليتهما فيه، أو دلا على فعلية حكمين في موضوعين لا يمكن فعليتهما فيهما، كان الحكم على طبق أقوى الملاكين، إن كان، ومع التساوي، كان الحكم في الصورة الأولى، وهي في صورة الدلالة على حكم موضوع واحد، هو: الإباحة، لا عن اقتضاء. وفي الصورة الثانية، هو: التخيير بين الفعلين، أو إباحتهما، هذا حكم الصورتين على سبيل الاجمال.
والتفصيل: انه لو دل دليل على وجوب فعل ودل الاخر على حرمته، كان المؤثر أقواهما ملاكا، ومع التساوي كان الحكم الإباحة إباحة لا عن اقتضاء. وكذا الحال فيما إذا دل الدليل الآخر على إباحته، فان الإباحة الثابتة بدليل صدق إباحة اقتضائية، يزاحم بها الوجوب، بل ربما تغلب عليه. واما إذا دل الاخر على كراهته أو استحبابه، غلب جانب الملاك الالزامي، لقوته، وبقي الملاك الغير الالزامي غير
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»