المصداقية، اما حقيقة أو تعبدا من دون قصر في المفهومين، بل المفهومان كانا على سعتهما الأولى مثلا من شمول صدق للاخبار الحاكية عن الأحكام الواقعية، وللاخبار الحاكية عن الاحكام الظاهرية في الشبهات الحكمية، وهي الأصول الأربعة العملية، حيث إنه بلسان تحقق الواقع، وان (ما أداه عني فعني يؤدي) وإن مؤديات الاخبار هي معالم الدين، يجعل في حقنا في عرض واحد مؤديات جميع الأخبار، فكأنما علمنا بدليل صدق دفعة واحدة الأحكام الواقعية التي هي مؤدى طائفة منها، والاحكام الظاهرية الأصلية المعمولة لدى الشك في تلك الأحكام الواقعية، التي هي مؤدى طائفة أخرى. فإذا كانت الأصول معتبرة بدليل صدق، لا جرم كانت الامارات الحاكية عن الأحكام الواقعية معتبرة أيضا في عرضها، بدليل صدق، وهذان الاعتباران يؤخذ بهما جميعا من غير نقص في أحد الجانبين، مقدار شعرة.
نعم، يلزم من الاخذ بما هو قضية (صدق) في الاخبار الحاكية عن الأحكام الواقعية تنقيص في مصاديق الأصول، بخروج الشكوك الموجودة في مورد قيام الخبر الحاكي عن الحكم الأولي عن المصداقية لها، اما خروجا حقيقيا كما يراه المصنف (ره)، بناء على أن المأخوذ في موضوعها ليس هو مطلق الشك في الحكم الواقعي، بل مع التحير وعدم وجود ما يعتمد عليه من الشارع أبدا، كما لا تبعد دعواه في أدلة أصل البراءة، ومع شمول دليل (صدق) للخبر الحاكي عن الحكم الواقعي، يرتفع هذا التحير، واما خروجا حكميا، كما يراه شيخه الأنصاري.
وتقريب الخروج الحكمي: اما بالقول: بأن مفاد صدق إلغاء احتمال الخلاف، الذي م آله إلى كون مؤداه تتميم الكشف، وجعل الظن علما، وهذا خلاف ظاهر دليل الاعتبار، أو بالقول: بأن مفاده تنزيل المؤدى وجعله واقعا في حق المكلف، كما هو ظاهر (ما أداه عني فعني يؤدي) وانه معالم الدين، فيكون العلم تحقيقيا بما هو واقع تنزيلا، ومع العلم بهذا الواقع لا شك تعبدا بالواقع. وإن كان الشك حاصلا فيه بالعيان، فدليل (صدق) يخرج موارد الاخبار عن موضوع