وإهانتهم في وقت لا يسع ذلك، بل يسع اما لاكرامهم فقط أو إهانتهم فقط أو إهانة بعضهم وإكرام بعضهم، فان العقل يحكم بإنفاذه أوامرهما أمكن، من غير فرق بين صور الامكان، وترجيح بعضها على بعض، بل يحكم بالتخيير بين تلك الصور.
وبالجملة: بعد ما بيناه في المقدمة، يظهر: انه لا فرق بين إلغاء (صدق) في أحدهما رأسا وأخذه في الاخر، وبين إلغائه في جز من كل منهما وأخذه في الجز الاخر، فان المتروك من الدليل على كل حال مقدار واحد لا يختلف كما ليتعين الأقل. نعم، إلغاء مورد الالغاء مختلف، وهذا الاختلاف حاصل في فرض الاخذ بأحدهما وترك الاخر رأسا أيضا، فان مورد الالغاء قد يجعل هذا وقد يجعل ذاك، و هذا ليس محذورا.
وبالجملة: إذا لم يمكن الاخذ بعموم الدليل يؤخذ منه بما أمكن، مخيرا بين مصاديقها من غير وجه لترجيح بعض المصاديق الممكنة على بعض، في لزوم الاخذ، فعموم أكرم إذا لم يمكن الاخذ به أخذ به، فيما أمكن، فيكرم حسب المجهود، مخيرا في اختيار كل فرد شاء من العلماء للاكرام، وكذلك المقام إذا لم يمكن الاخذ بعموم صدق في الخبرين المتعارضين بما لهما من المدلول أخذ به فيما أمكن من مجموع مدلولهما، مخيرا في الاخذ من هذا المجموع نحو ما إذا أخبر عدل واحد بمجموع المدلولين وتعذر الاخذ به، فيدخل التبعيض في أطراف التخيير.
فاتضح: انه لا الجمع أولى من الطرح ولا الطرح أولى من الجمع، بل كل في عرض الاخر، يتخير بينهما.
إن قلت: هذا في المخصص العقلي، أعني فيما إذا لم يتمكن من الاخذ والعمل بعموم الدليل، لكن المقام بمعزل منه، فان أحد الخبرين المعلوم كذبه خارج عن تحت دليل صدق تخصصا، فاما هذا كذب أو ذاك كذب، والاخذ بقبضة من هذا وقبضة من ذاك، أخذ بالكذب القطعي.
قلت: قد أشرنا سابقا إلى: انه إذا خرج عن تحت الدليل، اما تخصيصا أو تخصصا اللا بعنوان، انقلب الباقي أيضا إلى اللا بعنوان، بحكم العرف، والخارج في