بدلالة الاقتضاء عند قوله: (لا تنقض اليقين بالشك) ان اليقين بشي أثره تعبدا هو الجري عليه ظاهرا حتى يأتي اليقين بالخلاف، فتكون الروايات دلالتها على اعتبار الاستصحاب من باب دلالة الاقتضاء، وإلا لم يصح إطلاق النقض إلا بمسامحة ثالثة، هي إلغاء خصوصية الزمان، بحيث لولا تلك المسامحة كانت الرواية دليلا على اعتبار قاعدة اليقين.
ومن ذلك يظهر ان لا فرق بين افراد اليقين بين ما كان متعلقا بما أحرز فيه مقتضى الاستمرار والدوام، وكان الشك في طرق الرافع و بين ما كان متعلقا بما لم يحرز فيه ذلك، ومن أجل ذلك شك في الاستمرار، فان الاستكشاف المزبور بعد عموم (لا تنقض) يعم المقامين، وتوهم الفرق انما هو على غير المسلك الذي سلكناه، أعني مسلك التمسك بنفس قضية (لا تنقض) وبمدلولها المطابقي على حكم الاستصحاب.
قوله: بملاحظته لا بملاحظة متعلقه:
مقتضى ذلك أن يكون اليقين ملحوظا بالنظر الاستقلالي، فينافي ذلك ما سيجئ منه، من لحاظه آليا ومرآة إلى متعلقه، بحيث يكون لحاظه فانيا في حين لحاظ المتعلق، ولم يقصد من ذكره إلا إراءة المتعلق، كما إذا لم يذكر إلا لفظ المتعلق.
قوله: فلا موجب لإرادة:
تارة يقال: إن حقيقة النقض هو حل الامر المبرم، وأخرى يقال: إن حقيقة قطع الامر المتصل وإزالة الهيئة الاتصالية. فعلى الأول:
التنزل عن تلك الحقيقة لا يكون إلا بما فيه، نحو إبرام أو تخيل إبرام، وذلك لا يكون إلا في نفس صفة اليقين. واما ملاحظة المتيقن وما هو عليه من تخيل الدوام، لمكان وجود مقتضى الدوام، فذلك أجنبي لا يصح إطلاق مادة النقض، كما أنه على الثاني ينعكس الامر، وكان لحاظ إبرام اليقين لغوا، لا يصحح إطلاق مادة النقض.
ولكن عبارة الكتاب هاهنا وفيما بعد لا يخلو عن الخليط، فإنه يظهر منه بعد أن اختار ان حقيقة النقض هو حل الامر المبرم، ان ملاحظة المتعلق وشبهه بالمتصل حيث يكون فيه مقتضى الدوام موجودا، يجدي، ولكن لا حاجة إليه، مع أن ذلك