عما يلزمه من تعطيل الاستصحاب في موارد كانت الحالة السابقة ثابتة بالامارات المعتبرة لا باليقين الوجداني، بناء على مبناه من عدم جعل الحكم الظاهري في موارد الامارات. وإن مؤدى أدلة الاعتبار لا يزيد على جعل الحجية، أعني المعذرية عند الخطأ، والمنجزية لدى الإصابة، فالتزم بعدم اعتبار اليقين وكفاية ثبوت شئ واقعا في الحكم باستمراره، فتكون الحجة على الثبوت حجة على الاستمرار، حيث إن الحجة على أحد المتلازمين حجة على ملازمه، فالامارات كما تكون حجة على ثبوت الاحكام تكون حجة على استمرارها ظاهرا عند الشك، ويكون شأن اخبار الاستصحاب إثبات هذه الملازمة.
ولا يخفى ان ظاهر اخبار الاستصحاب دخل صفة اليقين في الاستصحاب كدخل صفة الشك، وإن صفة اليقين صفة لا ينبغي أن تنقض بصفة الشك، ومع ذلك كيف يؤخذ بظهورها في الثاني ويحكم بعدم جريان الاستصحاب مع غفلة الشخص عن حاله، وكان بحيث لو التفت لشك. ويترك ظهورها في الأول، بأن يحمل اليقين على اليقين الطريقي المحض مع أن العكس أولى بذلك، فبذاك الملاك الذي عمموا الشك للظن وحكموا باعتبار الاستصحاب في مورد غير المعتبر، ينبغي أن يعمم لمطلق عدم العلم، ومنه الغفلة، فان المنقول عن الصحاح تفسير الشك بخلاف اليقين الشامل للغفلة.
وفي صحيحة زرارة الآتية: فان حرك في جنبه شئ وهو لا يعلم، قال: (لا، حتى يستيقن انه قد نام) وفي ذيل هذه الصحيحة: (ولكن ينقضه بيقين آخر).
وفي مكاتبة القاساني، التفريع على قوله اليقين لا يدخله الشك، قوله: (صم للرؤية وأفطر للرؤية).
ودعوى: انه لا تكليف مع الغفلة، مدفوعة: بأن ذلك أمر لا اختصاص له بباب الاستصحاب، وأجنبي عن دخل الشك في موضوع الاستصحاب، مع أن في الاستصحابات العدمية التي يكون الثابت بالاستصحاب عدم الحكم لا إثباته، لا يجري هذا الكلام، فان الغفلة إنما تمنع عن التكليف لا عن عدم التكليف، فمن