نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ١٦٩
مصاديق هذا الاحسان.
نعم، يقع الاشتباه في محل انطباق ذلك العنوان، فيشتبه الخصوصيات الدخيلة، بغير الدخيلة لكن بالنتيجة لا يبعث إلا إلى الجامع للقيود، المعلوم الدخل والمحتمل الدخل، بحيث لو انتفى قيد واحد منها توقف عن البعث، وان لم يعلم بدخل ذلك القيد في موضوع إدراكه واقعا، واحتمل ان يكون الفعل بعد انتفاء ذلك القيد باقيا على حسنه، وبالنتيجة باقيا تحت حكم الشارع، وذلك أن حكم الشارع يكون ملازما لحكم العقل، بمعنى إدراكه، لا حكم العقل، بمعنى بعثه، فيمكن أن لا يبعث العقل، ومع ذلك كان حكم الشارع موجودا، لكون حكمه بمعنى دركه موجودا، فإذا كان التقدير تقدير احتمال بقاء موضوع إدراك العقل وبالم آل تقدير احتمال بقاء موضوع حكم الشرع، كان سبيل استصحاب حكم الشرع واضحا إذا كان القيد المنفي قيدا لا يضر فقده بصدق بقاء الموضوع عرفا، كما فيما إذا كان الحكم مستفادا من دليل لفظي، طابق النعل بالنعل.
والحاصل: ارتفاع موضوع بعث العقل بالقطع لا يوجب ارتفاع موضوع إدراكه كذلك، والحكم الشرعي يلازم الثاني دون الأول، كي لا يجري الاستصحاب لمكان القطع بارتفاع الموضوع.
قوله: قلت ذلك، لان الملازمة انما تكون:
بل الملازمة ثابتة في مقام الثبوت والاثبات، لكن الملازمة مع أحد حكمي العقل - وهو حكمه العلامة دون العمالة - المتوقف على العلم بانطباق موضوع حكم العلامة على الجزئي الخارجي، فالعقل يحكم بحسن الاحسان وقبح الظلم، ليس له سوى هذين الحكمين اللذين هما مفاد الآية الكريمة المباركة: (ان الله يأمر بالعدل والاحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر) وبالملازمة يحكم بأن الشارع أيضا أمر بالأول ونهى عن الثاني، لكن لا يبعث نحو شئ أو يزجر عن شئ إلا بعد العلم بانطباق ذينك العنوانين، فإذا لم يعلم وجهل، توقف عن الحكم، وتوقفه لا يوجب عدم حكمه الأول.
وبالنتيجة: لا يوجب عدم حكم الشارع، الملازم لحكمه الأول.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»