ويكون إطلاق الاستصحاب عليها جاريا على طبق معناه اللغوي، فان الشارع بحكمه ذلك قد أخذ الحالة السابقة مصاحبة، وهذا أحد احتمالي تعريف المصنف الذي أشرنا إليه، كما أن الاحتمال الثالث: هو الاحتمال الاخر المساعد له نسبة مشتقاته إلى المكلفين، فيقال:
استصحب زيد حكم كذا إذا أفتى بذلك وأعتقده.
واما الاحتمال الرابع: فهو قضية عد الاستصحاب من الأدلة العقلية، فان الدليل العقلي هو الحكم العقلي المتوصل به إلى حكم الشارع، و بناء العقلا ناشئ عن حكم العقل، المستلزم لحكم الشارع.
ولا يخفى ان تعريف الاستصحاب يختلف باختلاف الاحتمالات المذكورة، بحيث لا يحويه ضابط واحد، يتوارد عليه الأقوال في مسألة الاستصحاب.
والحق من بين المعاني هو المعنى الثاني، فيكون الاستصحاب فعلا من أفعال الشارع وهو حكمه المنشأ بلسان عدم نقض اليقين بالشك، وعليه فلا يكون له عنوان استقلالي في الأصلية والفرعية، بل يكون تابعا للمستصحب، فإن كان أصوليا فهذا أصولي، أو كان فرعيا فهذا فرعي، إذ المفروض انه انشاء حكم مماثل، وكيف يسوغ لمن يقول: بأن الاستصحاب عبارة عن انشاء حكم مماثل أن يبحث في أنه حكم أصلي أو فرعي، كما صدر من حضرت الأستاذ العلامة (ره) كما أن من يقول بواحد من المعاني الثلاثة الأخر ليس له ان يبحث عن كونه حكما فضلا عن أن يبحث عن كونه أصوليا أو فرعيا لوضوح عدم كونه بواحد من تلك المعاني حكما، فيكون البحث الآني في كلام الأستاذ ساقطا على كل حال.
ومما ذكرنا ظهر: ان البحث عن كون الاستصحاب من الأدلة العقلية أو من الأمارات الشرعية أو من الأصول العملية، لا يرد على الاستصحاب بمعنى واحد، بل الأول: مبني على كون الاستصحاب هو بناء العقلا تعبدا أو بمناط المظنة، والثاني: مبني على كونه نفس اليقين وعدم العلم بالزوال الموجب للظن بالبقاء، من غير فرق بين أن يكون مدركه بناء العقلا أو الاخبار والاجماع، والثالث: مبني على كونه حكم الشارع على المشكوك بعنوان الابقاء وعدم نقض اليقين بالشك.