الثاني: ما ذهب إليه شيخ مشايخنا المرتضى (ره) من تقدير الحكم الذي يلزم منه الضرر تكليفيا كان أو وضعيا، أو على طريق ذكر الضرر وإرادة سببه، فيكون المنفي هو الحكم الضرري، وهذا مع أنه خلاف الظاهر يتجه عليه ثاني الاشكالين المتقدمين.
الثالث: تقدير الصفة، فيكون المنفي هو الضرر الغير المحكوم بالتدارك شرعا، أو نفي حقيقة الضرر ادعاء، بلحاظ الشارع بتدارك ما يوجد من الضرر، فان وجوده حينئذ كلا وجود، فان الضرر بعد تداركه في الخارج بما يوازيه من النفع لا يعد ضررا حقيقة، واما المحكوم بالتدارك فإنه، وإن عد ضررا حقيقة، لكن صح نفي الضرر ادعاء، بلحاظ هذا الحكم. وفيه، مضافا إلى كونه خلاف الظاهر: ان الرواية حينئذ لا تنفي الاحكام الضررية، التي لا يعقل في مواردها الحكم بالتدارك، كالصوم الضرري والغسل الضرري، فتختص بموارد الاضرارات المالية، كالاتلافات والغبن في المعاملة، وحبس الحر عن العمل.
الرابع: إرادة النهي من النفي، كما في مثل (لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)، وهو مع كونه خلاف الظاهر، بل لا يمكن في بعض الروايات، يتجه عليه الاشكال بعدم دلالية حينئذ على نفي الحكم الضرري من قبل الشارع، كالوضوء الضرري والصوم الضرري، بل ولا على ثبوت التدارك في الضرر الوارد من بعض على بعض، وانما مفاده مجرد الحكم التكليفي، وهو حرمة الضرر.
فتحصل: ان المتعين في معنى الرواية هو ما ذكرناه على كون الضرر بمعناه الاسمي.
نعم، يحتمل أن يكون الضرر بمعناه المصدري، فيكون مفاد الرواية: ان الشارع لا يورد الضرر على أحد بسبب تشريع حكم ضرري، و هذا غير تقدير الحكم.
قوله: وقد انقدح بذلك بعد إرادة:
نعم، بعيد، لكن على وجه التقدير للحكم لا على وجه حمل الضرر على معناه المصدري، المنطبق على حكم الشارع حكما ضرريا، فان حكمه ذلك مصداق للاضرار.